مجلة عرب أستراليا- سيدني- ماذا لو كَسِبَ الحوثيّون معركة مأرب… أو انكسروا؟
بقلم :الصحافي خلدون زين الدين- النهار العربي
يواصل الحوثيون هجومهم على مأرب. أسبوعان بالتمام، وفي الميدان لا حسم جلياً. معلومات متضاربة، وغموض يكتنف سير المواجهة. وحدها الأكيدة أهميةُ المعركة، أهميةُ المنطقة، أهميةُ النتائج… وما هو أبعد من حدود مأرب واليمن بعينه.لا يمسك أي من الجانبين بزمام المعركة. لا قدرة لأي منهما على توجيه مجرياتها بينما يتغير مسرح القتال سريعاً بين ساعة وأخرى. فماذا لو نجح الحوثيون؟ ماذا لو فشلوا؟ كيف ينعكس هذا الاحتمال وذاك على مسار الصراع وسيناريواته؟
أهمية المعركة
مأرب غنيةٌ بالنفط والغاز. من شأن وقوعها بأيدي الحوثيين أن يسلب حكومة الرئيس المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي وقواته آخر معاقلها على الأرض شمال البلاد. هنا حيث يسيطر الحوثيون على معظم المحافظات الشمالية الثلاث عشرة تقريباً، بما في ذلك العاصمة صنعاء. انتصار الحوثيين يعني إضعاف مركز حكومة هادي، وموقعها في أي مفاوضات محتملة، هذا ما يذهب إليه الباحث والأكاديمي اليمني المقيم في هولندا الدكتور عبد الباقي شمسان، متحدثاً الى”النهار العربي”.
“معركة مأرب غاية في الأهمية”، يقول شمسان. أهميتها تأتي “من حيث الجغرافيا، لناحية موقعها الاستراتيجي داخلياً، وكذا إمكان استهداف السعودية منها، والتوجه نحو محافظات الجنوب. أهميتها أيضاً تعود الى غناها بمصادر الثروة كالغاز والنفط، ومنها يمكن التوجه الى منصات تكرير البترول وتوزيعه والغاز (…)”.
“احتمالية السيطرة على مأرب ضعيفة؛ لأن هناك استماتة ومعارك طاحنة ـ برأي عبد الباقي شمسان ـ ولكن إذا ما نجح الحوثيون فإنهم سيتوجهون نحو المناطق الجنوبية بشعارات جديدة تتمثل بتحقيق الوحدة وإخراج الاحتلال العربيد. تالياً يمكن لهم أن يحسّنوا موقعهم التفاوضي، بينما يستمر توازياً قصف السعودية بالطائرات المسيرة في سبيل البحث عن حوار”.
سلطة الأمر الواقع؟
يقول الباحث اليمني إن سيطرة الحوثيين تعني “إنهاء السلطة الشرعية، وأن هناك سلطة واقعية أو سلطة فاعلة غير الدولة في المناطق الشمالية والجنوبية”.
الحوار في سبيل أي حل، لن يكون حواراً يمنياً – يمنياً “بل هو حوار إقليمي إيراني أميركي ـ يقول شمسان ـ بالتالي هناك تصعيد في الخطاب الإيراني حول التخصيب، وهناك الحوثيون يتحركون في الداخل، ويضربون الأهداف السعودية، بما يؤشر إلى رسالة إيرانية واضحة الى الولايات المتحدة وأوروبا، للسعودية ودول المنطقة بأن الاستقرار يتوقف على توصلكم معنا إلى حوار. الرسالة الإيرانية أيضاً، أن العمق السعودي يمكن قصفه، ليس من خلال إيران بل بواسطة ميليشيات يمنية، بما يهز الاقتصاد السعودي ويهز المكانة الرمزية للمملكة، فاليمن أصبحت جغرافيّة صراع إقليمية ومحلية ودولية.
من هنا يصعب عزل ما يحصل في مأرب عن الإقليم وعن التحولات في الولايات المتحدة الأميركية”، يؤكد شمسان، لافتاً إلى أن “المجتمع الدولي تنبه مبكراً لإمكان سيطرة الحوثيين على مصادر الثروة، آخذاً في الاعتبار تجربة “داعش” يوم سيطر التنظيم الإرهابي على مصادر الطاقة”.
شمال – جنوب
من السيناريوات المتوقعة للمواجهات، إمكان “تحول الصراع إما مواجهة بين شمال البلاد الخارج في معظمه عن سيطرة حكومة هادي مع جنوبها، حيث تواجه فيه هذه الحكومة منافسة شديدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، أو أن نشهد إلى جانب هذا أو من دونه اصطفافاً سنياً عريضاً غير مستبعد في شمال البلاد وجنوبها مدعوماً من الرياض في مواجهة المشروع الشيعي للحوثيين الزيدية المتحالف مع طهران”.
ثاني الخيارات
تماماً كما احتمال انتصار الحوثيين وارد، احتمال انتكاستهم حاضر أيضاً، لكن أي انتكاسة لجماعة الحوثيين سترتد على الحركة نفسها، برأي المتابعين للملف اليمني. الانتكاسة، ستتسبب بانقسامات وتصدعات عميقة داخل صفوف الحوثيين بالنظر إلى حجم الخسائر المادية والبشرية عند أسوار مأرب.
ويرى أحد شيوخ المنطقة أن أي توسع لسلطة الحوثيين في مأرب “سينزلق بهم أكثر في مناطق نفوذ أشد خصومهم، وستتوسع المقاومة الداخلية ضدهم، ويبدأ صراع الأجنحة داخل الحركة نفسها يتضح بقوة، باعتبار أن موارد مأرب المالية ستكون سبباً لهذا التنازع”.
قبل اندلاع معركة مأرب كرر بعض مؤيدي الحركة وناشطيها أن “الانتصار فيها هو ما يمكنه وحده أن يفرض حلاً مشرّفاً لهم ونهاية للصراع والحصار برمّتهما. لكن ثمة من يرى أن الحركة في حال خسارة هذه المعركة ستكون أمام خيارين: إما أن تستمر في حكم المناطق الخاضعة لسيطرتها بالقوة والاستمرار في إدارتها بالعنف، أو أن ينهزم مشروعها تماماً، وهي خيارات تبدو صعبة الآن لكنها غير مستحيلة”.
في ميزان الربح والخسارة، لهذا الطرف أو ذاك، تحضر الأزمة الإنسانية بأبشع صورها. أزمة ليست غريبة عن اليمن، ولا عن مشهدية الصراع. ما يجري الآن يهدد بتفاقم الأزمات تلك، ويشي بالمزيد على درب النزوح الجماعي الكبير.
رابط مختصر…https://arabsaustralia.com/?p=14375