مجلة عرب أستراليا- سيدني – الهيدروجين وقود المستقبل وإنتاجه ثورة عالمية
بقلم خلدون زين الدين – النهار
تستقل الدول الكبرى قطار المستقبل. تبحث، تستثمر، ولا تساوم على مصادر طاقتها المتجددة. تقنيات جديدة تُستخدم، وأساليب مختلفة، تفتح العين واسعة على سؤال بالخط العريض: ما سر تسابق العالم على إنتاج الهيدروجين؟
الحكومات واقعاً تتطلع نحو أنظمة طاقة صديقة للبيئة خلال الثلاثين سنة المقبلة، بحسب اتفاق باريس للمناخ. الهيدروجين عنصر رئيس في الأنظمة هذه، ولكبرى الشركات دور محوري – رئيس. على سبيل المثال، يقوم تحالف شركة “سيمنز جاميسا” لصناعة توربينات الرياح، وشركة الطاقة “سيمنز إنرجي” بضخ 120 مليون يورو في مشروع لتطوير توربينات بحرية مزودة بمحلل كهربائي مدمج.
شركة الطاقة الألمانية Tractebel تدرس بدورها إمكان بناء معمل كبير لإنتاج الهيدروجين في عرض البحر. كما تسعى شركة “نبتون” للطاقة، ومقرها المملكة المتحدة، إلى تحويل منصة بحرية قديمة لإنتاج النفط إلى محطة لإنتاج الهيدروجين… فماذا يجري؟
خطوة أولى
روي محفوظ، المهندس المتخصص الطاقة المتجددة، تحدث لـ”النهار العربي” من برلين، فقال إن “توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، خطوة أولى للوصول إلى عالم طاقة جديدة من اليوم لغاية الـ2050 عماده الهيدروجين”.
وأضاف محفوظ، وهو صاحب شركة H2air في برلين التي تطور وتبني وتدير مشاريع توليد الطاقة المتجددة: “التركيز على الهيدروجين وقوداً للمستقبل وصديقاً للبيئة، صحيح، لكن الأهم هو إنتاج الهيدروجين الأخضر النظيف، من خلال كهرباء نظيفة منتجة من الطاقة المتجددة، ففي الوقت الحالي ننتج الهيدروجين من الغاز الطبيعي بما ينتج عنه ثاني أكسيد الكربون، وهذه ليست “النظافة المطلوبة”، المطلوب إنتاج الهيدروجين من الطاقة المتجددة وليس الغاز الطبيعي”. وعليه، يقول محفوظ، إن “الهيدروجين لم يصل إلى مرحلة الاستخدام بعد، وثمة نقاط استفهام كثيرة خصوصاً لناحية كلفة إنتاجه المرتفعة…”.
ثورة الهيدروجين؟
“النهار العربي” حاور أيضاً الدكتور ناصر قلاوون، أستاذ الاقتصاد السياسي في لندن، سائلاً رأيه بما يُصطلح على تسميتها بثورة الهيدروجين، فقال إنها “ثورة للمدى المتوسط والطويل”. ولفت قلاوون، في معرض حديثه، إلى كلام وزير الطاقة السعودي أخيراً من “أن الرياض تسعى لتكون ألمانيا الطاقة”، بما يعني النموذج الألماني للطاقة المتجددة. وهذا أمر مذهل من السعودية التي هي من كبار منتجي النفط في العالم، وربما تكون في الغاز. إذاً- يتابع – “أن التسابق الآن هو نحو الطاقة النظيفة…”.
في الماضي يقول قلاوون لـ”النهار العربي”، كان “التسابق نحو الطاقة والمداخيل المالية بغض النظر عن الانبعاثات الحرارية، بينما الآن عندنا اتفاق باريس، وثمة دول منتجة للطاقة المتجددة في شكل رهيب مثل الدنمارك والدول الأسكندنافية والمانيا وبريطانيا…”.
يعود الدكتور قلاوون للحديث عن السعودية. الرجل زار مشروع العيينة التجريبي لإنتاج الطاقة الشمسية عام 1982. المفاجأة “انه لم يحصل تطور كبير لغاية الثلاث سنوات الماضية برؤية 2030 وريادة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمشاريع نيوم وذا لاين لتكون رفيقة للبيئة 100 في المئة بلا انبعاث حراري… هذا تحدٍ كبير ولكن الخطوات التنفيذية كمثل صفقات مع مؤسسة لازارد للاستشارات الكبرى لمشروع بخمسة ملايين دولار شمال غربي السعودية على البحر الاحمر، وبالتالي يدخل هذا الأمر ضمن خلطة الطاقة لهدف 2050 طاقة نظيفة. يبقى أن كل دولة تقول الآن، أنا أحترم هذا الأمر، لكن السؤال هو حول الخطوات التدرّجية للوصول الى طاقة نظيفة سنة 2050 وإنقاص الحرارة العالمية درجتين”، فهذا، برأي قلاوون، “تحدٍ كبير…”.
“تكاتف الدول الصناعية والدول المنتجة للنفط والغاز أمر جيد”، يقول قلاوون، مضيفاً “نحن في مرحلة انتقالية نحو الوقود النظيف وهي مرحلة تساؤلية ومشجعة، فهناك برامج للاستثمار ومبادرات مهمة للبحوث العلمية. حتى الشركات الملوثة تقوم بأمور استثمارية وبحثية في إنتاج الهيدروجين، والسوق تكبر. لندن مثلاً بعد البريكست تريد أن تكون السوق العالمية الاولى لاجتذاب الاستثمارات الخضراء…”.
متى نصل لانتاج طاقة كافٍ؟
السؤال الأبرز برأي المهندس المتخصص بالطاقة المتجددة روي محفوظ هو: متى نصل لإنتاج طاقة كافٍ لإنتاج الهيدروجين النظيف؟ ويشير محفوظ إلى تجربة ألمانيا في الإطار، وهو يطرح علامة استفهام على مشروع الألمان لإنتاج الهيدروجين، قائلاً: “كي نستطيع الوصول إلى إنتاج هيدروجين نستطيع استخدامه بطريقة اقتصادية وجدية، علينا أولاً زيادة كمية إنتاج الكهرباء النظيفة. اليوم وصلنا إلى 46 في المئة من الطاقة المتجددة في ألمانيا ولكن يجب أن نصل الى 90 في المئة من هذه الطاقة… وهذا يجب أن يكون على مستوى أوروبا لنستطيع استخدام الكهرباء النظيفة لانتاج الهيدروجين ولا تكون تكلفته كبيرة. إنتاج الهيدروجين النظيف يحتاج مصادر طاقة نظيفة لإنتاج كمية كهرباء كافية تستخدم لإنتاج الهيدروجين…”.
الهيدروجين الأخضر وقود المستقبل. لا جدال. ثورة حقيقية يُفترض أنها صديقة للبيئة، دونها كثير التحديات والتكلفة الإنتاجية العالية. التحدي كبير… النجاح مطلوب. في البال اتفاق باريس للمناخ. للقصة بقية…
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=14345