مجلة عرب أستراليا سيدني- الصّين تُهدّد “الوحشَ الاستخباري”: “العيون الخمس” في خطر؟
بقلم خلدون زين الدين – النهار العربي
وُصِفَ بالوحش المُهدِّد أعتى الأنظمة الاستخبارية في العالم. جواسيسه عالميون، إلكترونيون، عيونهم تشخص إلى الخروق وتحقيق الانتصارات الدولية. حروبهم غاية في التعقيد. يستهدفون السيطرة حتى على البنى التحتية في غير قارة، ومهتمهم لا يحدّها اختراق خصوصيات مواطني الدول، كل الدول، حتى الأعضاء فيه. نتحدث عن “العيون الخمس”. هل سمعتم يوماً بهذا الجهاز؟ وهل أكثر التحالفات الاستخبارية نجاحاً في العالم يعاني حقيقة من أزمة محرجة؟
إدوارد سنودن، الموظف السابق في الاستخبارات الأميركية، المقيم حالياً في روسيا، كان أول من كشف عن وجود هذا التحالف السري. وصفه بأقوى وأكثر الأجهزة الاستخبارية امتداداً في العالم. أثار سنودن امتعاض “العيون الخمس” وغضب الأعضاء، لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا، فمن هناك أيضاً؟
التحالف الاستخباري الأقوى عالمياً يضم خمس دول ناطقة بالإنكليزية، هي: بريطانيا، الولايات المتحدة، أستراليا، كندا ونيوزيلندا. لا يُقبل بانضمام أي دول أخرى غير ناطقة بالإنكليزية وليس لها مصالح مشتركة.لا تشارك العيون الخمس المعلومات الاستخبارية. تتبادلها وحسب بين بعضها بعضاً، تحجبها حتى عن حلف شمال الأطلسي (الناتو).
أولى المهام
بثقة مطلقة في ما بينها، اجتمعت دول “العيون الخمس” بانتظام لمناقشة المخاوف والأساليب المشتركة والتجسس على كل العالم… بموجب اتفاقية جامعة.
أولى المهام، بحثُ كيفية اختراق الجواسيس الروس. هو الهدف أصلاً من إنشاء العيون الخمس. الجهاز نجح في الكشف عن جواسيس عرقلوا مشروع “مانهاتن” الأميركي لبناء قنبلة ذرية، بحسب كريستيان غوستافسون، كبير محاضري الدراسات الاستخبارية في جامعة برونيل في لندن.
وزمنَ الحرب العالمية الثانية، كان الضباط البريطانيون والأميركيون يخترقون أجهزة الإرسال الإذاعية الضخمة للحصول على المعلومات السرية عن أعدائهم برغم تعقيداتها. وقتذاك كان اسم التحالف “يُوكي يو إس إي”. بعد الحرب العالمية الثانية وفي عام 1955، انضمت إليه أستراليا، كندا ونيوزيلندا، وبقيت بريطانيا محتفظة بمكانتها مهيمنةً وقائدة في ذلك، تماماً كما بقي اتفاق تبادل المعلومات والإشارات الاستخبارية بين هذه الدول قوياً، سارياً ومحدثاً دوماً بما يتناسب ودخول العصر الرقمي.
أساليب التجسس تطوّرت والتطور التكنولوجي. أمكنَ راهناً الحصول على المعلومات عبر الأقمار الاصطناعية والبرامج ذات الترددات العالية الدقة، بما هو أسهل من السابق.
وثائق سنودن
أسرار استخبارية سرية حساسة كشفها إدوارد سنودن، بينها وثائق تبيّن احتفاظ وكالة الأمن القومي الأميركي ببيانات “هائلة” من بريطانيا ودول أخرى من “العيون الخمس”، تتضمن معلومات لمواطنين عاديين. المعروف في سياسات مسودة عام 2005 أنه لا يمكن للشركاء في الجهاز التجسس على مواطني الدول الأخرى إلا بالحصول على إذن مسبق من الدولة الأخرى، لكن ما أظهرته الوثائق مختلف.
إثر الفضيحة هذه، كتبت صحيفة الغارديان أن “وكالة التنصت السرية الكندية” أوقفت تبادل المعلومات احترازياً مع الشركاء الدوليين في “العيون الخمس” بعد الكشف عن جمع بيانات مواطنيها بشكل غير قانوني.
أزمة محرجة
على خلفية تعامل الصين مع الإيغور المسلمين في إقليم تشانجيانغ، انتقد أربعة أعضاء من “العيون الخمس” بكين، باستثناء نيوزيلندا. الأخيرة انسحبت من المواجهة مع العملاق الآسيوي.
رئيسة الوزراء النيوزيلندية قالت إن الخلافات مع الصين بات “من الصعب إصلاحها”، برغم ذلك، فإن “البلاد ما زالت تفضّل متابعة علاقاتها الثنائية مع بكين”.
وفي المناسبة، اهتمت وسائل الإعلام الصينية الرسمية كثيراً بالموقف النيوزيلندي، وتحدثت عن إسفين دق في العلاقات بين الدولتين الجارتين: أستراليا ونيوزيلندا.
لا غرابة في الموقف النيوزيلندي،حين نعلم أن الصين أكبر سوق لصادرات نيوزيلندا.
التطورات هذه، أبعدت نيوزيلندا نسبياً عن الخط العام لتحالف “العيون الخمس”، ما طرح كثيراً التساؤلات عن أزمة تعصف بأقوى جهاز استخباري عالمي بسبب الصين. ثمة من يرى في ذلك مبالغة، فالأمر يتعلق بالسياسة لا بالاستخبارات. تالياً، يمكن القول بحسب المراقبين، إن الجهاز في أزمة سياسياً، وفي تحالف وطيد استخبارياً. كل ما عدا ذلك مبالغة.
رابط مختصر ..https://arabsaustralia.com/?p=16286