مجلة عرب أستراليا سيدني
التجديدُ لسانشيز رئيساً لوزراء إسبانيا.. نصر للمغرب؟
بقلم الكاتب خلدون زين الدين- النهار العربي
ليس سراً ما يجمع الرباط برئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز. العاهل المغربي الملك محمد السادس كان بين أول المباركين للرئيس الاشتراكي نيلَه الثقةَ البرلمانية مُجدداً رئيساً للحكومة. الملك أكد في برقية التهنئة العزمَ الوطيد “على مواصلة العمل سوية للمضي قدماً في ترسيخ علاقات الصداقة والتعاون المتينة، وتعزيز المرحلة الجديدة لشراكتنا الاستراتيجية التي تبنيناها معاً (…)”.
تطابق وجهات النظر بين الجانبين تكرّس في مختلف القضايا الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك، “إسهاماً في ضمان السلم والاستقرار والرخاء في المحيط الأورو – متوسطي”. عبّر بيدرو سانشيز غير مرة عن التعاون الإيجابي هذا و”العلاقة الاستراتيجية بكل ما تحمله الكلمة من معنى”. المغرب مهم “بالنسبة إلينا من الناحية التجارية، والولوج الاقتصادي إلى قارة مهمة بحجم أفريقيا، والأمن ومكافحة الإرهاب وسياسة الهجرة (…)”.
كسِبَ الرهان
سانشيز كسب الرهان داخلياً بالبقاء على رأس الحكومة في إسبانيا لولاية جديدة مدتها أربع سنوات. استفاد الرجل من تأييد الحزب الانفصالي في كاتالونيا، ولو أن الحزب الشعبي بزعامة المحافظ ألبرتو نونييث فيخو اتهم رئيس الوزراء الاشتراكي بتقديم تنازلات بهدف وحيد وهو البقاء في السلطة بأي ثمن.
سانشيز حاز الأغلبيةَ المطلقة بعدما كسب الأصوات السبعة لحزب “معاً من أجل كاتالونيا” (خونتس بير كاتالونيا) الانفصالي برئاسة كارليس بوتشيمون، مقابل منح عفو للانفصاليين الكاتالونيين يثير انقسامات في البلاد. بفوزه أنهى سانشيز نحو أربعة أشهر من الجمود المتواصل منذ الانتخابات التشريعية في 23 تموز (يوليو)، واتجه ببلاده نحو تشكيل حكومة ائتلافية كشف في الساعات القليلة الماضية عن أعضائها. الحكومة الجديدة تضم اثنتين وعشرين وزارة، وهو عدد الوزارات نفسه في الحكومة السابقة، مع إسناد اثنتي عشرة حقيبة إلى وزيرات.
كيف “انتصر المغرب”؟
تجديد تنصيب رئيس الحكومة الائتلافية اليسارية بيدرو سانشيز لولايته الثالثة، وللولاية الرابعة عشرة في التاريخ الديموقراطي لإسبانيا، “ينظُر إليه المغرب بإيجابية استراتيجية وجيوسياسية”، كما يقول لـ”النهار العربي” من مدريد المتخصص بالعلاقات الإسبانية المغربية، والأستاذ الجامعي في إسبانيا محمد المودن؛ فسانشيز الذي منحه البرلمان الإسباني الثقة للعودة إلى قصر المونكلوا، “دخل المغرب وإسبانيا في عهده مرحلةً من الشراكة غير مسبوقة، توّجها – أساساً – القرارُ النوعي لزعيم العماليين الإسبان ورئيس الحكومة الائتلافية اليسارية بيدرو سانشيز بدعم مقترح المغرب في ملف الصحراء المغربية حول الحكم الذاتي، وأهمية قرار سانشيز في دعم موقف المغرب له خصوصية مقارنة بدول أوروبية أخرى (…)”.
استمرار بيدرو سانشيز – برأي محمد المودن – هو استمرار لدعم رسمي إسباني لملف حيوي بالنسبة إلى المغرب، من دولة أوروبية ستكون سنداً للمغرب أيضاً في تعزيز موقفه في هذا الملف على الصعيد الأوروبي. أهمية إسبانيا على هذا المستوى أيضاً – يقول المدن لـ”النهار العربي” – تأتي تزامناً مع أزمة معلنة بين الرباط وباريس، ما يجعل ارتباط المغرب بإسبانيا – ضمن هذا السياق – ذا أهمية استراتيجية أوروبياً بالنسبة إلى الرباط”.
يتابع المدن قائلاً إن “المغرب يرى أن دعم سانشيز لملفه هو دعم لمسار متشكل داخل إسبانيا يدعم التقارب مع المغرب مند ثبايترو وقبله فيلبي كونثاليث، ويتكرس مع سانشيز في قضايا استراتيجية… وأهمية هذا التيار تكمن في أن أنصاره من حركات اليسار في إسبانيا كانت الحاضن الأكبر لجبهة البوليساريو ولنشاطها في إسبانيا، وبالتالي تكون هذه الجبهة قد فقدت على المستوى الرسمي حاضناً داخل إسبانيا، وإن كانت بعض القوى من أقصى اليسار تدعمها لكنها غير مؤثرة على القرار الرسمي الحكومي”.
الخبز… والصحراء
حاز بيدرو سانشيز الثقة البرلمانية رئيساً للحكومة بعد مفاوضات وصفت بالعسيرة داخلياً، خصوصاً مع زعيم الكاتلان، كارليس بودجيمون، وكان عنوانها الفاصل “قانون العفو العام”. مفاوضات سانشيز عامة تركزت على الشأن الداخلي وقضايا خاصة بالخبز اليومي للمواطن الإسباني. اللافت خلال الاتفاقات هو غياب قضية الصحراء المغربية، وهذا ما فسره مراقبون بوجود إجماع بين المتفاوضين حيال السياسة الخارجية المتبعة من الحكومة السابقة.
رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=31786