مجلة عرب أستراليا سيدني – الروس القمع المنظم
بقلم الصحافي خالد ممدوح العزي
تجددت المظاهرات في شوارع موسكو وسانت بطرسبورغ اليوم ظهرا بعد إعلان المحكمة الفدرالية الحكمة على المعارض الروسي نافالني بطريقة غير قانونية ولا دستورية وإنما بطريقة سياسية كيدية، ويعود السبب المباشر لإقرار هذا الحكم نتيجة إسقاط هيبة بوتين أمام الشعب الروسي بعد فضيحة القصر الذهبي مما باتت الكيدية تسيطر على المواقف ولكون السلطة لا تريد التكلم مع المعارضين بل تريد السيطرة بواسطة العصي والبذلة العسكرية التي تخدم مصلحة السلطة وليس الدولة، وبالتالي هذه الكيدية ستأخذ الصراع بين السلطة والمعارضة إلى مكان آخر.
انتهت المواجهة ليلا في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل مما أدى إلى مواجهات غير متوازية بين الشرطة التي احتلت العاصمة موسكو وممارسة الاعتقالات الجماعية بواسطة العصي والتهديد والآلات الكهربائية في أوسع عملية توحش واضح تقوم بها القوات الأمنية التي بات تسيطر على الشوارع والأزقة بكميات تفيض عن أعداد المتظاهرين الذين نزلوا اليوم لمواكبة الحكم الذي كان يأمل به المراقبين والمحللين والمعارضين بأن يكون شكلي لتخفيف الحدة بين المعارضة والسلطة لكن كما يبدو من خلال مراقبتنا المباشرة للاحتجاجات طوال اليوم تبين لنا بان لغة القوة والسحق هي التي ستكون في المواجه والتي ستعمل ردة فعل عند الروس.
بعد قرار المحكمة الروسية التي قضت بتاريخ 2 فبراير الحالي، بسجن المعارض البارز، أليكسي نافالني، لمدة ثلاث سنوات ونصف لانتهاكه شروط عقوبة بالسجن مع وقف التنفيذ.وتجمع الآلاف من المحتجين في أنحاء روسيا لدعم نافالني. وبذلك حولت المحكمة التي انعقدت في موسكو عقوبته مع وقف التنفيذ بتهمة الاختلاس إلى عقوبة نافذة بالسجن. وقضى نافالني بالفعل عاما تحت الإقامة الجبرية والتي سيتم خصمها من إجمالي العقوبة.
واستقبل نافالني قرار المحكمة بهز كتفيه باستسلام، واتهم المعارض البارز في المحكمة الرئيس فلاديمير بوتين بأنه قام بتسميمه، وألقى عليه باللوم في الهجوم الذي استهدفه بغاز الأعصاب. ولكن المضحك في سؤال المحكمة التي وجهته للمعتقل المعارض بسؤالها لماذا لم تعلن عن وجودك مما سببت بتغيير القرار المتخذ بحق.
فكان رد نافالني الجريء على القاضي كيف لي بان أعلن عن مكان وجودي إذا كانت أحوالي الصحية غير طبيعية وأنا كنت في الغيبوبة وبالتيلي عليكم طرح السؤال على السيد بوتين الذي قرر قتلي باستخدام أسلب الغاز السم ولقد أفشلت مخططه ولم أمت وأنا أمامكم
وسريع قررت المحكمة أطلق العقوبة السياسية بالحبس لمدة ثلاثة أعوام ونصف وطلب نقله مباشرة لتنفيذ العقوبة دون الانتظار من لجنة الدفاع بطلب استئناف الحكم بحسب المدة المحددة القانونية.
لكن المحامون تعلنون صراحة بأنهم سوف يستنون قرار المحكمة وبالنهاية سوف يتعامل بحسب الدستور ومواده القانونية مع العلم بان المحكمة لم تحكم بموجب القانون وقانون العقوبات في المادة 49 من قانون العقوبات بل كانت محاكمة سياسية بقرار من الكرملين.
الرد الدولي على الحكم المتخذ بحق نافالني :
لم ينتظر الغرب كثير من أجل أطلق نداء تحذيري للروسي على قاعدة الحكم السياسي الذي تلقه المعارض نافالني من قبل المحكمة الروسية الخاصة مما دفع بالرئيس ماكرون بشن هجوم لاذع وموع ضد روسيا بالتهديد المباشر لما تقوم به روسيا بحق المعارضين بطريقة لا تتناسب مع القوانين الدولية ولقد ذهب ماكرون بالتوجه نحو الاتحاد الأوروبي الذي يشير إلى اتخذ عقوبات فورية على روسية تستطيع أن تضع نظام بوتين في أزمة كبيرة وخاصة بان ماكرون طالب الاتحاد ممارسة الضغط على ألمانيا بإقفال خط الغاز في بحر الشمال ستريم 2 الذي يتجه نحو أوروبا مما سيشكل لبوتين أزمة فعلية في تصدير الغاز وبيعه لأوروبا لان الخط لا يمكن إقفاله أو تكسيره المؤقت.
وبهذا الخصوص تلقى الموقف الأوروبي مع الموقف الأمريكي الذي أعلن عنه وزير خارجية بايدن أنتوني بليكن الذي قال بأننا سنفرض عقوبات شديدة على نظام بوتين بحال لم يستجب للمطالب الدولية والجدير بالذكر بان بليكن يعتبر بان روسيا من الدول العالمية الأربعة إلى جانب الصين وكوريا وإيران هم دول تشكل الخطر الكبير على الأمن العالمي ومن ناحية ثانية بان الحزب الديمقراطي هو من وضع عقوبات مناغنتسيكي المعنية بحقوق الإنسان ومعاقبة المخلين بها.
ومن جهته رد بوتين بطريقة متحفظة معلنا بان على أوروبا بان تخلط بين مصالحه في روسيا ومشاكل روسيا الداخلية والقانونية، أم وزارة الخارجية الروسية كالعادة حملة الإدارة الأمريكية والسفارة الأمريكية مسؤولية الذي يحدث في الشوارع الروسية لان الإدارة تحب الفوضى والسفارة تدير هذه الفوضى التي تفرح الغرب وتحرض الناس على ذلك.
ووفقا للتصريحات الغربية المتوافقة جميعا على معاقبة النظام ستعمل فعليا على تفعيل لائحة نافالني المقدمة عن الفساد السلطوي للقادة والسياسيين والسفراء ورجال الأعمال من رجال نظام بوتين وطبعا سوف تعتمد الهيكلية المناسبة للعقوبات على شخصية ليست أمنية أو مخابراتية غير فاعلة وإنما على شخصيات لها حسابات وممتلكات في الخارج وهي موجودة في بنك المعلومات الذي قدمها نافالني مع مجموعته أمام الشعب الروسي وسكتت الدولة عنها.فالذي حدث في شوارع مونكوي وباقي الدول سيساعد لغرب وأمريكا على التقادم من إطلاق مواقف موحدة فيما بينهما بشأن هذه الأمور.
إذن المشكلة بان الروس يدعون بأن الغرب وأمريكا تدعم نافالني وتحرك الشارع وتخرج المحتجين للشوارع، لكن المشكلة بان بوتين من قرر اعتقال بوتين لأنه شكل له أزمة فعلية.فالساسة غائبون عن المشهد والقضاء لا يحكم وإنما يتلقى الأوامر للتنفيذ.
مشاهد المظاهرات الاخيرة :
تظاهرات طيارة على وصف أحد الأصدقاء في موسكو فإن الوضع في كثير من شوارع مركز المدينة تحول إلى ما يشبه اللعبة بين القط والفأر. إغلاق محطات المترو القريبة من ساحة المنيج اي القريبة للكريملين وسط العاصمة وبالرغم من الحشد الكبير للشرطة والحرس الوطني جعل الكثير من أنصار نافالني يخرجون من الأزقة والشوارع الفرعية وينظمون تظاهرات طيارة ما يصعب مهمة رجال الأمن. تظاهرات صغيرة بالعشرات والمئات في الشوارع الفرعية، والمتظاهرون يهربون ليتجمعوا في مكان آخر، ومن الملاحظ أن حملات الاعتقال حتى الآن ليست كبيرة. أعتقد أن الحكم على نافالني وتصرف السلطات كان خطأ كبيرا، والأوضاع تتردى، ولكن لا انصح طبعا بالبناء على ما سبق باستنتاج أن أيام بوتين باتت معدودة وإنه خلصت أو عضة كوسياية.
وبدوره اتهم دميتري مدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الناشط أليكسي نافالني، بأنه ليس إلا مارقا سياسيا يسعى للوصول إلى السلطة، بواسطة طرق وقحة ونشاطات جامحة.
الاعتقالات الجماعية نتيجة فضيحة القضاء:
لان قراراتالقضاء الروسي مسيسة فعلى نفسها جنت براقش الان أصدرت محكمة في موسكو الحكم على المعارض الروسي الكسي نافالني حكما بالسجن ثلاث سنوات ونصف وباعتباره كان تحت الإقامة الجبرية لمدة عام فسيقضي في السجن سنتين ونصف اعتقد أن السلطات الروسية تثير مزيدا من التظاهرات الشعبية ومزيدا من العقوبات الغربية.
وبظل هذه الفضيحة التي حصلت في موسكو واطلقت المحكمة حكم سياسي وكذلك لجهة ما حدث في الشوارع مع الناس ، فإننا بتنا أمام أزمة معيبة ومخجلة جدا بحق دولة تعتبر نفسها من الدول الأساسية في النظام العالمي الجديد، لكن مع الأسف هذا تصرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي باتت القوة والعزلة والدكتاتورية هي سلاحه نتيجة الخوف الذي سببه نافالني ومعارضته لسلطته .
طبعا هذا التصرفمع الشعب الروسي محزن جدا ، وبهذه الطرق التي كانت تنقل مباشرة من الشوارع من هنا نرى بان الوضع في روسيا البوتينية قد اختلف مقارنة مع مرحلة الرئيس السابق دميتري مدفيدف عام 2012 أبان الانتخابات البرلمانية وتصرفاته مع المعارضة، حيث أبدى استعاده الكامل للتحدث معها على طاولة مستديرة لان مصالحة روسيا فوق كل اعتبار وبالطبع اليوم مع بوتين يختلف الوضع فاليوم بوتين لا يريد التحدث مع المعارضة ولايرى بأنها هناك وجد لحركة اعتراضه ويقتل أي معارض ويقمع أي فم يريد التكلم. .
اما الغرب بات يختلف جدا في التعاطي مع روسيا الحالية و في مساعدتها للتحول نحو الديمقراطية كما السابق. لكن اليوم الجميع بات يعلم بان روسيا باتت تذهب أكثر نحو التشدد والعدوانية في الخارج والداخل لذلك لم يعد الغرب يثق بالرئيس كما حال الداخل المعترض على الرغم من نسبة المعارضين لكن الاعتراض لايزال في البداية .
الجميع بات يعرف جيدا بان عهد بوتين اليوم يختلف عن البداية التي حاول الغرب استيعاب روسيا وتطويرها نحو إدخالها في النظام العالمي الجديد كما وعد بوتين به للعالم عندما تم تسليمه للسلطة لكنه انقلب على ذلك وبات عهده يتجه نحو الدكتاتورية المتشددة والتصادمية في الخارج والداخل. وخطوات بوتين باتت واضحة من خلال الممارسات بكم الأفوه وتقيد حرية التعبير والاعتراض والقبول بكل ما يمكن الالتفاف عليه من قبل سلطة بوتين المطلقة في إدارة الدولة، لكن الشعب الروسي ليس غبي لدرجة التسليم بما يفعله بوتين بل هو واعي ويفكر بماذا يحدث في روسيا وحولها وكيفية ممارسات صقور الكرملين.
ففي المظاهرات في الأحد الماضي وفي مدينة سانت بطرسبورغ بروسيا لأول مرة خلال المظاهرات الشعبية المناصرة للمعارض نافالني والمطالبة بتغيير سياسي في روسيا، تم سحب مسدس من قبل أحد عناصر الأمن لتخويف المحتجين وقد اعتبرت قيادة الحرس الوطني والشرطة الأمر قانوني ومشروع. وهذا مؤشر خطير لان ازدياد عدد المحتجين يربك الأجهزة الأمنية ويعقد عملها في إيقاف المظاهرات وحتى كثرة الاعتقالات لن تحل المشكلة المسؤول عن حقوق الإنسان في سان بطرسبورغ قال: إن استخدام الهراوات والعصا الكهربائية لن تحل المشكلة التي دفعت الشباب الروسي للتظاهر لابد من الحوار معهم والاستماع لمشاكلهم.
وبرأي المحلل السياسي الروسي فيدور كرشنيين الذي أشار بان بوتين بهذا التحول الخطير في التعامل مع الاحتجاجات شكل نوع من الممارسة الفاشية للتعامل مع القوانين الروسية هذا النوع من الفاشية الكلاسيكية التي بات المواطن والعلم يشاهدها وهي تمارس في كافة شوارع روسيا هي بحد ذاتها نوع من الأشكال القمعية للممارسة الفاشية الذي سيعكسها حالة معاكسة للناس في تعاملها مع النظام الحالي.
إذن هذه التظاهرات التي بتنا نرها منذ عودة المعارض نافالني هي بداية الصراع الداخلي الروسي والتي ستستمر حتى نهاية عهد بوتين بمزيدا من التشدد والقمع وكم الأفوه والتضيق على الكلمة والحرية.
فهذه الاستعداد ات للشرطة والقوى الأمنية والتي تمت مشاهدتها في شوارع المدن هي ليست وليدة اللحظة كما يقول الصحافيون الذين كانوا ينقلون آراء المحتجين بالتغطية المباشرة ، وإنما هي من عمر ولاية بوتين الأولى اي منذ عشرين سنة حيث اتسمت الفترة الأولى بأنها فترة الحفاظ على الحرية والكلمة والاعتراض التي كانت تحاول الدول الغربية وأمريكا التعامل مع روسيا وإعطائها المهلة تلوا المهلة ،ولكن هذه الفترة آخذها بوتين نحو الدكتاتورية التي يحكمها بواسطة الحرس الخاص والعصي التي ترتفع على أبناء روسيا.
لكن هذا التصرف هو نتيجة الخوف الفعلي من تحركات الناس التي ستمتد وتدحرج ككرة ثلج ستواجه السلطة.لذلك نظام بوتين أخذ القرار بقمع كلالاحتجاجات وإسكاتها بالاعتقال والتضييق والضرب المتوحش بواسطة عصابات يستخدمها ويدفع لها أموالا، وربما يعتقد الناس بان المرحلة القادمة بوتينسوف يستخدم مرتزقة من فاغنر قد يجلبها من مناطق ودول الاتحاد السوفياتي السابق ليقمع بها المحتجين.
طبعا هذه الأعمال والتصرفات التي كانت تراقب من قبل المشاهدين بالبث المباشر على وسائل الإعلام الغربية والمعارضة تشير بان النظام يستخدم القمع والبطش الدموي من خلال المشاهد التي كانت تبث للمشاهدين.
ومن هنا باتت قانعة المعارضة والشارع بان حكم نافالني هو حكم سياسي بامتياز ولا يمكن الإفراج عنه بواسطة القضاء الذي يقرأ قرارات الكرملين وإنما بواسطة الناس التي هي ستقرر متى يمكن إخراج نافالني وكافة المعتقلين السياسيين من سجون بوتين القمعية.
لذلك تصر كل الفئات الشعبية وخاصة الشباب على التظاهر والتجمع في الساحات والاحتجاجات في الشوارع بطرق سلمية كما ينص عليه الدستور الروسي الذي يكفل بالتظاهر والتعبير ، لكن بوتين ينقلب على الدستور بواسطة الفزاعة العسكرية والعصي القاتلة التي يمكن من خلالها انقاذ سلطته من غضب الناس.
فالاعتقالات هو خرق للقانون وضربهم وإذلالهم فالقانون الروسي هو من يحمي المواطن طالما مظاهرات واحتجاجاتهم سلمية لا تضر بالمصالح العامة أو الخاصة.
فالسؤال الذي كان يطرحه المتظاهرين عندما تمت محاصرتهم في الأزقة وإقفال الشوارع والساحات أمامهم ومنعهم من المغادرة حيث بدأت الشرطة اعتقالهم وزجهم بالعربات الخاصة للشرطة لنقلهم إلى أماكن الاحتجاز، إلى أين سيتم نقلنا وهل سيفتح بوتين معسكرات اعتقالات يتم وضع المحتجين فيها.
فعليا كما شاهد الجميع اثناء البث المباشر للتظاهرات بان سلطة المخابرات والقوات الخاصة هي التي تسيطر على العاصمة والمدينة الثانية في روسيا .
كأن المتظاهرين، وقعوا تحت قوة احتلال ،العسكر هم يسيطر ون ويحتلون الشوارع ، لقد غابة لغة السياسة، المحافظ غائب والنواب غائبون ولغة العسكر هي التي تسود وكأنهم اتفقوا على ذلك لإهانة الناس وتخفيفهم وإصدار أحكام عرفية سريعة على المتظاهرين تحت حجة التظاهرات غير قانونية وغير ملخصة إذا الدولة لا تسمح بالتظاهر وتمنعها عنوة وتخيف العنصر السياسي عن المشاهد وتقديم العنصر العسكري المخابراتي فالضرب والاعتقال والسحل هما من أعمال القوات الخاصة والمخابرات الروسية التي تقوم باعتقالات جماعية للناس وكأنها خطة مرسومة مسبقا لذلك الناس سترد بطرقها المختلفة ولن تسكت عن هذه الممارسة التي تستخدمها السلطة.
بالوقت الذي يغب به المحافظ عن المشهد العام منذ اعتقال نافالني في 23 يناير وبالتالي العسكر يقدم أعماله البشعة لأجل إرضاء ضباطه والضباط تخدم السلط السياسية. فهل هذه السيارات والقوات العسكرية والباصات والمجموعات الكثيرة هي من أجل حماية المواطن الروسي أو من أجل قمع المواطن دافع الضرائب.
من هنا نرى بان موسكو وبعض المدن الكبرى ذات الأكثرية السكنية تحولت إلى مستعمرات تقودها القوات العسكرية وهي الأمر بها إقفال المترو وتحويل السير ومنع الناس من الخروج وإقفال الشوارع ومنع الحافلات من السير القوات العسكرية تحاصر الناس وتعتقل الناس.
رابط مختصر .. https://arabsaustralia.com/?p=14144