مجلة عرب أستراليا ـ سيدني
بقلم ـ جاسم محمد ـ بون
إن العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ، من شأنها ان تعقد العلاقات بين الطرفين وتشعل الجبهة الشرقية لاوروبا مع موسكو، تثير مخاوف الكثير من دول أوروبا خاصة أوروبا لشرقية. وفرضت واشنطن وبروكسل عقوبات على مسؤولين وشركات روسية، خلص مسؤولو المخابرات الأمريكية إلى أن الحكومة الروسية كانت وراء الهجوم على الناقد الكرملين أليكسي نافالني خلال شهرمارس 2021. يذكر ان توتر العلاقات العلاقات بين موسكو والاتحاد الأوروبي كان منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014 ودعمتها للانفصاليين الموالين لروسيا خلال الحرب في شرق أوكرانيا.
انخرطت روسيا في خلاف عام مع جمهورية التشيك بشأن حريق عام 2014 ألقي باللوم فيه على أجهزة الأمن الروسية. وشهد الخلاف قيام البلدين بطرد دبلوماسيين وأدى إلى احتجاجات حاشدة في الشوارع في براغ. وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي ، جوزيب بوريل ، إن روسيا “تنجرف نحو دولة استبدادية وتبتعد عن أوروبا” بعد زيارة موسكو لإثارة قضية نافالني. وقال إن “الوزراء فسروا بالإجماع الإجراءات والردود الروسية الأخيرة على أنها إشارة واضحة على عدم اهتمامها بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ، لكن البلاد تبدو مهتمة بالمواجهة وفك الارتباط”.
اتفاقية مينسك
هي اتفاقية وقعها ممثلون عن روسيا الاتحادية، وجمهورية اوكرانيا، وجمهورية دونتسك الشعبية، وجمهورية لوغانسك الشعبية لإنهاء الحرب بمنطقة دونباس في أوكرانيا في 5 سبتمبر 2014. لم ينه اتفاق منسك الأعمال العدائية بين الأطراف المتحاربة، لذا فقد اجتمع قادة اوكرانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا في قمة منسك في 11 فبراير 2015 واتخذوا سلسلة اجراءات تنهي الحرب في منطقة دونباس، وسمي الاتفاق “منسك 2”.
تجديد العقوبات ضد موسكو
أصدر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، يوم 12 يوليو 2021 قراراً رسمياً بشأن تمديد العقوبات الاقتصادية على روسيا لمدة سسة أشهر أخرى، حتى 31 يناير 2022. وتستهدف هذه العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي قبل سبع سنوات، قطاعات المال والطاقة والدفاع في روسيا وعلى وجه الخصوص، عقوبات على عدد من البنوك والشركات الروسية. وتم اتخاذ القرار السياسي لتمديد الإجراءات التقييدية ضد روسيا في قمة الاتحاد الأوروبي يومي 24 و25 يونيو 2020
العقوبات تتضمن فرض حظر على استيراد وتصدير الأسلحة والسلع ذات الاستخدام المزدوج، وبالإضافة إلى ذلك، قام الاتحاد الأوروبي بالحدّ من وصول الجانب الروسي إلى عدد من التقنيات والخدمات لإنتاج النفط والتنقيب عنه.
قال مسؤولون في إدارة بايدن إن الولايات المتحدة فرضت يوم الثالث من مايو 2020 ، إن عقوبات على أفراد وكيانات روسية بسبب تسميم شبه قاتل للشخصية المعارضة البارزة أليكسي نافالني بغاز أعصاب. وقال المسؤولون البارزون بالبيت الأبيض ، في حديثهم للصحفيين، إن العقوبات تم فرضها بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي ، وحثوا على إطلاق سراح نافالني من السجن.
من تستهدف العقوبات؟
فرض الاتحاد الأوروبي حظراً على السفر وجمد أصول ألكسندر باستريكين ، رئيس لجنة التحقيق في الاتحاد الروسي ، إيغور كراسنوف ، المدعي العام ، فيكتور زولوتوف ، رئيس الحرس الوطني ، وألكسندر كلاشنيكوف ، رئيس القوات الفيدرالية. فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سبعة مسؤولين من المستوى المتوسط والكبير ، من بينهم كراسنوف وكلاشينكوف كما فرضت واشنطن عقوبات على مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) ، ألكسندر بورتنيكوف ، وكذلك نائبي وزير الدفاع أليكسي كريفوروشكو وبافيل بوبوف. استهدفت الولايات المتحدة ايضا 13 شركة وكيانًا ، قالت معظمها إنها متورطة في إنتاج عوامل بيولوجية وكيميائية
وتشمل العقوبات على روسيا واردات الاتحاد الأوروبي القادمة من شبه جزيرة القرم أو سيفاستوبول، بالإضافة إلى استثمارات البنية التحتية أو المالية والخدمات السياحية في المنطقتين.كما تمنع العقوبات تصدير بعض المنتجات والتقنيات المستخدمة في قطاعات الطاقة والمواصلات والاتصالات إلى القرم، وتمنع كذلك مدّ منطقة القرم بالتكنولوجيا المستخدمة في عدد من القطاعات، خاصة التنقيب عن النفط والغاز والمعادن واستخراجها وإنتاجها.
استدعى الاتحاد الأوروبي يوم الثالث من مايو 2021 ، السفير الروسي بعد أن أدرجت موسكو ثمانية مسؤولين في الاتحاد الأوروبي على القائمة السوداء انتقاما لقرار الكتلة بفرض عقوبات على سجن أليكسي نافالني ، منتقد الكرملين وزعيم المعارضة الذي يقبع حاليا في سجن روسي. إلى جانب رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي ، عاقبت موسكو فيرا جوروفا ، وهي سياسية تشيكية تشغل منصب نائب الرئيس للقيم والشفافية في المفوضية الأوروبية ، وجورج راوباتش ، رئيس مكتب المدعي العام في برلين ، والسياسي الفرنسي جاك ماير.
قرر الاتحاد الأوروبي تمديد العقوبات التي فرضها على روسيا لمدة عام آخر، ردًّا على “ممارساتها المزعزعة للاستقرار في أوكرانيا” وضمها شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول، كما قرر الاتحاد فرض حزمة عقوبات جديدة على مسؤولين من بيلاروسيا، إضافة إلى عقوبات على معرقلي العملية السياسية في ليبيا.
تقييم
لقد تأقلمت موسكو مع العقوبات المفروضة من قبل بروكسل ـ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بعد مضي اكثر من سبع سنوات، منذ ان ضمت موسكو القرم عام 2014 ، وبدون شك ان هذه العقوبات لها فاعلية سياسية واقتصادية على موسكو، والاخيرة لم تتردد بالاعتراف بذلك.
ورغم هذه العقوبات، فان بعض دول أوروبا تحديدا المانيا وفرنسا ـ المحور الأوروبي، مازالت تحتفظ بعلاقات اقتصادية وسياسية متينة مع موسكو رغم العقوبات. وهنا يجدر الاشارة الى مشروع “نورد ستريم 2” خط الغاز ـ الطاقة من روسيا الى المانيا، مازال قائما رغم العقوبات.وهذا يعني ان العلاقات مابين موسكو وأوروبا سوف تبقى قائمة، رغم ماتدفع به دول أوروبا الشرقية، خاصة بولندا الى جانب الولايات المتمحدة من فرض العقوبات على موسكو .
تبقى العلاقات مابين برلين وموسكو وكذلك باريس وموسكو قائمة ، رغم العقوبات الاقتصادية، يذكر ان المانيا، وعلى لسان المستشارة الالمانية ميركل طالبت الاتحاد الأوروبي بضرورة التحدث مع موسكو وعدم الاكتفاء بتجديد العقوبات، وهذا ما يلتقي ايضا مع مطالب موسكو التي تدعو دائما الى التحدث مباشرة بدل تجديد العقوبات.
تبقى دول أوروبا خاصة المانيا وفرنسا بحاجة الى “الشريك” الروسي رغم العقوبات، خاصة عندما يكون الحديث عن ملفات اقليمية وصراعات ونزاعات اقليمية مثل ملف سوريا وليبيا وافغانستان وغيرها من الملفات، لكن يبقى ملف حقوق الانسان في روسيا ملفا شائكا، وفقا الى رؤية الاتحاد الأوروبي.
نشر في رؤية
رابط مختصر ..https://arabsaustralia.com/?p=17816