بقلم الكاتب هاني الترك
مجلة عرب أستراليا- سيدني-عام 1915 أبحرت القوات الاسترالية على متن البوارج الحربية الى الاسكندرية.. وسافرت من هناك الى القاهرة.. وكان مركز قيادة القوات الاسترالية والنيوزيلاندية في فندق شيبرد في القاهرة.. كان موظف في استلام التموين يكتب على الصناديق المشحونة إسم:
فيلق الجيش الاستراليى والنيوزيلاندي.. ولما كان الاسم طويلاً ومن الصعوبة إستعماله كاملاً في المستندات والبرقيات والشفرة طبع ضابطان في الفندق ختماً مطاطياً ANZAC إشارة للفيلق.
وبعد إنزال القوات الاسترالية والنيوزيلاندية على شاطئ غاليبولي أطلق قائد الحلفاء البريطاني إسم الأنزاك للدلالة والتمييز.فمع ان كلمة أنزاك تشير عموماً الى القوات الاسترالية التي اشتركت في الحرب العالمية الأولى.. الى ان الأنزاك تشير أيضاً بالتحديد الى الفيلق الاسترالي والنيوزيلاندي الذي اشترك في معركة غاليبولي.
من هنا يوم الأنزاك أي 25 إبريل هو التاريخ الذي أنزلت استراليا قواتها على شاطئ غاليبولي.. وهُزِمت في المعركة.. ولقي عشرات الآلاف حتفهم.
في أول مسيرة أنزاك إحياء للذكرى كانت عام 1916 في سيدني.. أي بعد سنة من بداية الحملة.. وبلغ عدد المشاركين في المسيرة 60 ألف شخص مع الجنود والجرحى والعائدين من أتون الحرب وعائلات الموتى والجرحى.. وكانت المسيرة عاطفية حزينة إنهمرت فيها الدموع كالانهار.. ورُفِعت الصلوات وأغلقت المحلات وتوقفت كل الاعمال مدة ثلاث ساعات حزناً وحداداً على أرواح الضحايا.. منذ ذلك الزمن أصبحت المسيرات الرسمية والشعبية تعم كل استرايا .. وأصبح الأنزاك عطلة رسمية في كل استراليا.
وفي عام 1931 بدأت صلوات الفجر في مارتن بلايس.. وبعدها أصبحت تقام صلوات الفجر على نصب الجندي المجهول في كل استراليا.في إحدى مسيرات الأنزاك عام 2009 سار الجندي بيل فلاورز وهو له قصة غير عادية:
لم يكن في نيته الالتحاق بالجيش ولكن صديقه الحميم بيل نوسان أقنعه بالالتحاق بالخدمة العسكرية وفي شهر شباط فبراير عام 1940 غادر استراليا مع القوات الاسترالية (أثناء الحرب العالمية الثانية) الى الملايا وبعد أربعة أشهر من الحرب في الملايا صدرت الاوامر الى نوسان بالذهاب الى الصين للتدريب على حرب العصابات. أِعتُقل فلاورز أسيراً في شانغهاي وأطلق سراحه بعد ثلاث سنوات ونصف.
عاد الى سيدني مع فرقته من القوات المسلحة.. لم يلق مصرعه في الحرب.. واول شيء فعله هو البحث عن صديقه الحميم نوسان.. فوجده في أول باص إستقله في سيدني.. وكانت مفاجأة مدهشة ومصادفة لم يتوقعها.. وأعيد شمل الصديقين العزيزين.. فلم يُقتلا في الحرب وإلتقيا.. وتوفي نوسان عام 2008.. وبقي فلاورز يعيش على ذكرى صديقه.. وشارك في احتفال الأنزاك الذي جرى عام 2009.. وشرب نخب صديقه.
ويوم الأحد المقبل عام 2020 في عهد كورونا ولأول مرة منذ قرن من الزمان تحتفل استراليا بالأنزاك بلا مسيرات.. والشوارع خالية.. ولكن سوف يبقى الاستراليون عبر استراليا من منازلهم بمشاهدة مراسم الاحتفال عبر الانترنت وشاشات التلفزيون.. وسوف يرفعوا أعلامهم في المنازل.. ويقفون في ممرات سياراتهم والشرفات من الساعة السادسة صباحاً ويؤدون صلاة الفجر تذكراً لأرواح الجنود الذين فقدوا حياتهم.
وسوف يلقي رئيس الوزراء سكوت موريسون خطاباً بالمناسبة من كانبيرا.. وتلقي الممرضة السابقة في جيش الدفاع شارون براون خطاباً بالنيابة عن المحاربين القدامى.. وهي التي نجت بحياتها أثناء تقديم مهامها في تيمور الشرقية.. وسوف يصور المحتفلون من الشعب أنفسهم وهم يؤدون الاحترام والتقدير للأنزاك ويرسلونها الى مواقع التواصل الاجتماعي.
فرغم من ان كل الاستراليين يتذكرون الذكرى الحزينة.. ذكرى إنزال القوات الاسترالية على شاطئ غاليبولي الذي تحولت مياهه الى اللون الاحمر بسبب الدماء التي هُدرت.. فإن الاستراليين يتذكرون الحرب فإن الحرب خراب ودمار وظلم.. قتل الانسان لأخيه الانسان.. نتذكر ذلك اليوم في المعركة الحالية الحقيقية بين الانسان وفيروس كورونا..
رابط مختصر:https://arabsaustralia.com/?p=8572