مجلة عرب أستراليا سيدني- الصيام في الأديان الأوسع انتشاراً حول العالم .. تعددت الأساليب والغاية واحدة
فيما يعد الصوم شعيرة أساسية ترتكز إليها الأديان الإبراهيمية الثلاثة، كما أنها تعد ركنًا وركيزة أساسية من أركان اعتناقها. وبين الأديان السماوية تعددت أساليب وأسباب أداء شعيرة الصوم، ورغم اختلاف طقوسها وأسبابها من دين إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، إلا أن أهداف الصوم الروحانية والاجتماعية تلتقي وتتشابه بين روحاني يُفضي إلى الزهد وكبح جماح الشهوات الحسية، واجتماعي يفضي إلى التكافل.
الأديان الخمس الأوسع انتشارًا
تأتي المسيحية في عداد الأديان الأوسع انتشارًا بواقع 2.3 مليار نسمة، بنسبة 31.2% من سكان الأرض، يليها في المرتبة الثانية الإسلام في المرتبة بـ 1.8 مليار مسلم بنسبة 24.1% من البشرية، في حين تأتي الديانة الهندوسية في المرتبة الثالثة؛ إذ يدين بها 1.1 مليار نسمة ما يعادل 15% من سكان العالم، فيما تأتي الديانة البوذية في المرتبة الرابعة بـحو 500 مليون بوذى، بنسبة 7% فيما تقتصر نسبة المؤمنين بالديانة اليهودية على 0.2% من سكان العالم بواقع 14 مليون يهودى، فيما يشكل من لا ينتمون إلى ديانات 1.2 مليار شخص، أي أنهم يأتون في المرتبة الثالثة بعد المسحية والإسلام، وذلك وفق إحصاء أعده مركز PEW لأمريكي للأبحاث
الصوم في الإسلام.. «زهد» وامتناع كامل عن الشهوات الحسية
تفرض شعيرة الصوم على المسلمين؛ كونه الركن الثالث من أركان الإسلام الخمس، وفيما تعدد الآيات القرآنية الدالة على وجوب الصيام من مطلع فجراليوم حتى غياب شمسه، وردت أسباب فرضه على ألسنة الفقهاء، بين كونه شعيرة تستهدف الزهد والامتناع عن ارتكاب المعاصي والذنوب وكبح جماح الشهوات الحسية من جانب وسيلة للتكافل الاجتماعي عبر التصدق على الفقراء من جانب آخر.
ويمتنع المسلمون عن تناول الطعام والشراب، مع الامتناع عن الشهوات الحسية من بينها الجماع بين الأزواج، منذ مطلع الفجر وحتى غياب شمس اليوم ذاته، وذلك مع إعفاء الفئات الأضعف كالأطفال والنساء الحوامل والمرضعات والحوائض والمسافرون والمرضىى على أن يؤدوا الصيام في أيام أخرى.
المسيحية.. الصوم يستهدف الفناء والتكفير عن الذنوب
تفيد النصوص الإنجيلية بأن السيد المسيح اعتكف 40 يوما في الصحراء حيث كان «يصلي ويصوم ويقاوم إغراءات الشيطان» حتى عاد قويا محصنا.
وهذا الوصف الإنجيلي يعتمده الكثير من المسيحيين عندما يتخلون نحو سبعة أسابيع عن الأطعمة الشهية واللحوم؛ إذ تبدأ أهم فترة صوم مسيحية في «أربعاء الرماد»/ وحينئذ يتم رسم صليبمن الرماد على جبين الكاثوليك كرمز للفناء والتكفير عن الذنوب، ثم تنتهي فترة الصوم في «أحد الفصح»، حيث الاحتفال بـ«قيامة المسيح»، لكن الصوم في المسيحية مغاير عن الصوم في الإسلام، فقلما تُتبع قواعد صارمة في الصوم بل يقرر الصائم بنفسه عما يتخلى.
فحتى في العصور الوسطى نجح المسيحيون في تفادي القواعد الكنسية الصارمة، فيما يحظر عليهم أكل لحوم الحيوانات، يواصلون تناول الأسماك وبعض الحيوانات البرية كالقنادس أو ثعالب الماء والحيوانات المائية أو البرمائية عوضًا عن اللحوم.
اليهودية.. صيام بغرض الغفران
يشبه الصيام اليهودي النسق الإسلامي حيث الامتناع التام عن الطعام والاشراب والجماع؛ ويصوم معتنقي الديانة اليهودية في عدد محدود من الأعياد الدينية التي يشهدها التقويم اليهودي، وعل أبرزها «يوم كيبور أو عيد الغفران»، الذي يعد المتمم لأيام التوبة العشر لدى اليهود، فعلى كل يهودي صيام 24 ساعة كاملة.
وتتمثل أسباب شعيرة الصوم في في «طلب العفو والغفران من الرب يهوفا»، أما يوم كيبور أو يوم الغفران فيعد ىاليوم العاشر في أيام التوبة غسل الخطايا، ويتناول سفر اللاوين في التوراة في الاصحاح السادس عشر، أسباب الصوم في اليهودية بالقول «وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً، أَنَّكُمْ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَل لاَ تَعْمَلُونَ: الْوَطَنِيُّ وَالْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ، لأَنَّهُ فِي هذَا الْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ تَطْهُرُونَ، سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً» الاصحاح 16- 29/30/31.
ويحظر على اليهود ممارسة العمل أو أنشطة حياتية في هذا اليوم، ويفسر رجال الدين اليهودي اليوم على أنه اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء للمرة الثانية ومعه لوحا الشريعة اليهودية، معلنًا مغفرة الرب لليهود على خطاياهم في خطيئة عبادة العجل الذي أقامه السامري من الذهب، لذلك على الشعب أن يطلب الغفران من الرب في هذا اليوم.
صيام الهندوسية ..عدمية ورحلة للغوص في الذات
وفيما تفرض الديانات الإبراهيمية الثلاثة قواعد صارمة ومحددة للصيام، لا توجد في الهندوسية قواعد صوم ثابتة، بل يقتصر شرط الصيام على أن يسبق الأعياد الكبرى، كعيد «الغورو أو المعلمون والرهبان»، وفي هذه الأيام يستغنى الهندوس عن كل شيء غير ضروري لبقائهم على قيد الحياة، ويكتفون بنمط تقشفي يسمي بـ«السادو» حتى هزال الجسم ظهور الهيكل العظمي للشخص. وعل أشهر أنصار هذا الصوم كان مهاتما غاندي الذي قال يوما «لا أستطيع الاستغناء عن الصيام، كما لا أستطيع الاستغناء عن عيني. وكما تعني العين (في رؤية) العالم الخارجي، يعني الصيام (في رؤية) العالم الداخلي» للبشر.
صيام البوذية.. بغرض التحرر من المعاناة
وكما هو الحال في الهندوسية لا تُلزم البوذية معتنقيها بقواعد ثابتة للصوم؛ بل يُكتفى في البوذية، إلزام االراغبين في الصوم بالامتناع عن الشهوات الحسية كالجماع وتناول الكحول واللحووم. ويعد أبرز المناسبات البوذية للصوم الاحتفال عبيد «فيساخ» الذي يحل باكتمال القمر بالتزامن مع الاحتفال بذكرى ميلاد بوذا وتنويره ووفاته، ويستهدف الصيام البوذي التأمل وتذكير المرء بأن الوجود في الحياة ما هو سوى معاناة، وأنه من خلال اتباع الطقوس يمكنه من الارتقاء بذاته روحانيًا.
المصدرalmasryalyoum
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=22880