spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

كارين عبد النور _ الأوبئة والأمراض التي تهدّد النازحين اللبنانيين: خطر يتفاقم في ظلّ الأزمات

مجلة عرب أستراليا- كارين عبد النور  حذّرت منظمة الصحة العالمية...

هاني الترك OAMـ عودة إلى الله

مجلة عرب أسترالياــ بقلم الكاتب هاني الترك OAM الكتب والمؤلفون...

د. زياد علوش- طوفان الأقصى بنسخته اللبنانية يفتقد دور الحريرية السياسية

مجلة عرب استراليا- بقلم د. زياد علوش تغييب "الحريرية"السياسية افقد...

الزواج المدني في لبنان وتداعياته على المجتمع. بقلم علا بياض

انقسمت الآراء حول الزواج المدني بين مؤيد ومعارض حيث يرى المؤيدون، انه وسيلة لتحرير المجتمع والدولة من العصبية الطائفية والمذهبية ويرى المعارضون انه يهدف الى الغاء الدين.

الدولة اللبنانية ترفض العمل بالزواج المدني لان الساحة الاجتماعية والسياسية محكومة من قبل الطوائف الدينية التي لم تسمع ان ينتزع منها السلطة التي أكتسبتها، ولاتريد ان تخسر سيطرتها المفروضة على المواطنين، والتي  رسختها على مدى عقود.

يعترف القانون اللبناني بالزواج المدني منذ عام 1936، ويستند الى القانون ( 60) فالزواج المدني ليس جديدا، فيعود تاريخ كتابته الى مرحلة الانتداب الفرنسي، لكنه لايطبق في لبنان، الا اذا عقد في الخارج، على سبيل المثال قبرص.

الدولة تمنح المغتربين وثيقة زواج، اما في حال وقوع نزاعات، فلايخضع الزواج المدني لقانون محلي لعدم توفره، بل يخضع لقانون الدولة التي اصدرت وثيقة الزواج، مما يشكل بعض الصعوبات، خاصة في موضوع الارث والوصايا، عند مختلف الطوائف.وهكذا اصبحت الطبقة السياسية والدينية مستفيدة، في ظل غياب قانون الاحوال  الشخصية.

ألزواج المدني من الناحية الأسلامية، اذا توفر فيه الشروط التي يقبلها الدين الأسلامي واهمها ان يكون الشخصين من الديانة الأسلامية، يذكر ان من حق االرجل المسلم ان يتزوج كتابية ويعتبر زواجا مقبولا.
فألزواج الأسلامي هو زواج مدني بامتياز، نعم فهؤلاء يشترط عقده في مسجد او بيت، ولا يشترط حضور رجل دين لأتمامه. المطلوب فقط اتفاق الطرفين مع وجود شاهدين، وهذا يتم عند محامي  او كاتب عدل. وهنا امكانية اتمام  توثيق الحقوق لكلا الطرفين: حقوق الزوجة، الاولاد، الارث وغير ذلك، كما توثق كل العقود، من اجل حقوق جميع الاطراف.

وفي حال انجاز جميع الاجراءات المذكورة سايقا، يعتبر هذا الزواج شرعيا ومقبولا في الديانة الاسلامية.
وفي سياق اخر، فالديانة المسيحية، شروطها مختلفة تماما، فهي تشترط ان تكون الأجراءات في الكنيسة، وعلى يد رجل دين خوري. فألزواج المدني يتعارض مع احكام الكنيسة، فمن يتزوج في الكنيسة ليس له حق الطلاق وعن طريق الزواج المدني بامكانه اجراء الطلاق، وتكون له مطلق الحرية بأختيار مصيره لكلا المذهبين.

فكم من قضاة في المحاكم الشرعية، الا من رحم ربي، تقاعسو في هذه الصلاحيات الملقات على عاتقهم المؤتمنون عليها فهم وجدوا بهدف المنصب الكبير لأعطاء كل ذي حق حقه تجاه الناس اللذين اسلموهم هذا الحق.  وكم من معاملات طلاق والبت فيها لم تصل الى نتيجة مرجوه، لم تصل الى قرار اخذت سنين في ادراج المحاكم، اما ان يكون للقاضي مصالح شخصية مع الزوج، حين يكون له نفوذ كبير او اثر ضغوطات مورست على القاضي من اجل عدم البت بالقضية، وهكذا يبقى القرار ومصير الناس معلق.
وكم من اطفال حرموا في احضان امهاتهم ونقلت الحضانة للزوج، رغم ان الام لها الاهلية الكاملة وحتى القانون يعطيها الحق بذلك ولكن توظيف “الواسطة” كان لها الدور الاكبر.

انا لا اريد ان اعمم ولا انكر وجود قضاة نزيهين، شرفاء اصحاب ضمائر حية، لكن هذا الحال موجود على ارض الواقع، مما دفع الناس يفكرون بالزواج المدني، يريدون وحدهم يرعيان

جميع القرارات، الزواج وخلافاته. لايريدون امور حياتهم ومصائرها رهن قرار غير صائب، ربما من رجل دين مسلم او مسيحي. ففي الأنظمة والقوانين الاسترالية يثبت العقد الزوجين في المحكمة وفي حال عدم التوافق ووجود الخلافات، يقدم طلب الطلاق وتعطي المحكمة مهلة اقصاها سنة كاملة للزوجين، ربما يصلون بين بعضهم الى أتفاق ومصالحة واذا لم يحصل، يعطي القاضي قراره بالانفصال بهدوء ورقي.

الاهم في ذلك، ان الطفل يعيش في كنف امه، يقضي مراحل طفولته ومراهقته يترعرع في أحضانها ويتغذى على حنانها، لاينتزع منها مهما كانت المبررات والظروف، إلا اذا ثبت انها غير مؤهلة لذلك كما يحق الى الأولاد الأختيار مع من يريدون العيش.

واليوم أصبح المجتمع المدني ناشطا وفعالا وهي حركة شبابية كثفت نشاطها 2006 وكان التحرك الاول لها عام 1998 ثم قامت تحركا كبيرا عام 2015 وفي عام 2011 وكان ثمة  مشروع القانون خرج من مجلس النواب الى اللجان التيابية المشتركة وتلك كانت المرة الأولى في تاريخ لبنان التي لم يصل فيها قانون للأحوال الشخصية. ينظم الحراك المدني ” شمل” سنويا في 18 اذار/ مارس وهو تأريخ أيقاف الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي قدمه الرئيس الراحل الياس الهراوي عام 1998، لانه كان في حينها، لايريد خلق مزيدا من الأزمات.

وفي أطار تشريعات الدول الأسلامية، فلا توجد أي دولة شرعت الزواج المدني وفي حال الموافقة عليه سيكون لبنان أول دولة عربية تشرع الزواج المدني.

فالزواج المدني يطرح نفسه خيار، فمن يريد الأرتباط وفق الشرائع الدينية له ذلك، اما من لايريد فهناك حل الزواج المدني.فألزواج المدني هو قرار بين شخصين يقرران بإرادتهما فقط وان يكملا الحياة معا بواجباتها وحقوقها او يتوقفان دون تدخل الدين والطائفية في أمورهم.

الخلاصة، فأن الزواج علاقة تكاملية ترابطية تقوم على الحب والتفاهم، تحمل الأستقرار النفسي والعاطفي واشباع الحاجات الجسدية والنفسية وبناء اسرة قوامها الشراكة وحسن العشرة.

رابط مختصر  https://wp.me/pagv12-8E

نشر في جريده التلغراف عربي ـ سدني

الكاتبة علا بياض

ذات صلة

spot_img