مجلة عرب أستراليا سيدني
الدوحة تستضيف الاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية بشأن لبنان
في وقتٍ يرتفع منسوب الصراع السياسي في لبنان الذي يُبقي سدّة الرئاسة الأولى شاغرة منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ويُقفل آمال الحلول القريبة، تعوّل القوى السياسية اللبنانية على الانفراجات الإقليمية والمساعي الخارجية لإحداث خرقٍ في جدار الأزمة، لعلّ أبرزها اجتماع اللجنة الخماسية في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الاثنين، والجولة الثانية للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت المرتقبة في قادم الأيام.
واستضافت الدوحة، عصر يوم الاثنين، الاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية بشأن لبنان، بمشاركة المملكة العربية السعودية، ومصر، والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، إضافة إلى ممثل قطر، وزير الدولة بوزارة الخارجية، محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي.
وفي بيان مساء اليوم، قالت الخارجية الأميركية، إن ممثلين من مصر وفرنسا وقطر والسعودية والولايات المتحدة التقوا لبحث حاجة لبنان الملحة للإسراع بانتخابات الرئاسة وتنفيذ إصلاحات اقتصادية.
وأكدت كذلك أن الدول الخميس “تشعر بقلق حيال عدم اختيار قادة لبنان السياسيين خلفاً للرئيس ميشال عون حتى الآن”، وتشدد على “حاجة لبنان لإصلاحات قضائية وحكم القانون، خصوصاً في ما يتعلق بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت في 2020″، بحسب “رويترز”.
وقال الخليفي في كلمة أمام الاجتماع نشرتها وزارة الخارجية القطرية، مساء الاثنين، إن “هذا اللقاء يعقد من أجل إيجاد آليات لمساعدة لبنان في تجاوز حالة الشلل السياسي، وفي مواجهة أزمته الاقتصادية انطلاقاً من واجبنا الإنساني، وإدراكاً منا لأهمية لبنان في محيطه العربي والدولي”، مشدداً في هذا السياق على أن “الحلول لا يمكن أن تكون إلا على أيدي اللبنانيين، بما يلبي تطلعات الشعب اللبناني الشقيق في مسيرة التنمية والتقدّم”.
وأشار إلى أن “وضع رؤية جامعة من أجل إعادة الانتعاش إلى الوضع الاقتصادي في لبنان هو أمرٌ ملحٌّ”، معرباً عن أمله في “الاستمرار في العمل ومتابعة الجهود التي بذلت في الاجتماع الأول في باريس، وإيجاد الحلول وآليات إضافية تمكن لبنان وشعبه الشقيق من الخروج من هذه الأزمات مع الحفاظ على سيادته واستقلاله”، مؤكداً “موقف دولة قطر من الوقوف بجانب لبنان وشعبه الشقيق ودعم الجهود الدولية التي تؤدي إلى وحدته واستقراره”.
وعقدت اللجنة الخماسية اليوم اجتماعها بحضور الموفد الرئاسي الفرنسي، الذي من المنتظر أن يحمل نتائج اللقاء معه إلى باريس ومن ثم بيروت التي وعد في يونيو/حزيران الماضي، بزيارتها ثانيةً في القريب العاجل “لأن الوقت لا يعمل لصالح لبنان”، على حدّ تعبيره.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية، اليوم الاثنين، أن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، استقبل مبعوث الرئيس الفرنسي للبنان، جان إيف لودريان، بمناسبة زيارته للبلاد، وجرى خلال المقابلة “استعراض علاقات التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى آخر المستجدات في المنطقة، ولا سيما في لبنان”.
في السياق، قال مصدرٌ دبلوماسيٌّ فرنسيٌّ من السفارة الفرنسية في بيروت، لـ”العربي الجديد”، إن “لودريان سيعود إلى لبنان في زيارة ثانية للحثّ على حوار الأطراف اللبنانية، وتأكيد ضرورة حلّ الأزمة الرئاسية في أقرب وقتٍ ممكن، لأن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من المماطلة والجمود”.
وأشار المصدر إلى أن “لا دعوة رسمية بعد وجهت إلى القوى السياسية اللبنانية في ما خصّ الحوار، خصوصاً أن هناك انقساماً في الرأي بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين حول طبيعة الحوار وشكله وبنوده، من هنا سيكون هناك نقاش فرنسي حول اجتماع اليوم ونتائجه والمهام التي سيعود بها لودريان إلى لبنان”.
وبين أن “التنسيق سيبقى قائماً بين الدول الخمس، ولا سيما عبر لودريان، في ما خصّ الملف اللبناني، وهناك تأييد لفكرة أن لا تدخل بالأسماء الرئاسية، بل أكثر المواصفات المطلوبة في شخص الرئيس المقبل، فهذا شأن لبناني داخلي، والأهم القيام بالإصلاحات اللازمة التي تبقى أساساً لعودة الدعم إلى لبنان للنهوض اقتصادياً”، لافتاً إلى أن “لا عقوبات حالياً على المسؤولين عن العرقلة، لكن هذا الشق دائماً مطروح على الطاولة، بهدف الحثّ على إيجاد حلّ ينقذ الشعب اللبناني من تداعيات قد تكون أكبر للفراغ الرئاسي”.
لا حل جدياً بعد للأزمة الرئاسية اللبنانية
في المقابل، اكتفى مصدر نيابي في كتلة “التنمية والتحرير” (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، فضّل عدم الكشف عن اسمه، بالقول: “لم نتبلغ بعد بحوار رسمي دعت إليه فرنسا القوى السياسية اللبنانية، لكننا من دعاة الحوار، ونؤيد هذه الخطوة، لأن التوافق الداخلي مطلوب قبل الخارجي لحلّ الازمة الرئاسية”، مشيراً إلى أن “المساعي الفرنسية لا تزال غير ناضجة بعد، والزيارة الأولى للموفد الرئاسي الفرنسي كانت أكثر تشاورية ولا مؤشرات جدية إلى قرب إيجاد مخرج رئاسي”.
وأشار المصدر إلى أن “لا دعوة حالياً من جانب الرئيس بري لمجلس النواب لانتخاب رئيس، لأن التوافق لا يزال بعيداً، فيما نعتبر أن المرشح الجدي الوحيد للرئاسة اليوم هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، (مرشح حزب الله وحركة أمل)، وأي حوار يجب أن يكون غير مشروط بشطب اسم فرنجية”.
ويرتفع منسوب التباين بين القوى السياسية اللبنانية حول الحوار، بحيث يعتبر الأطراف المعارضون لمرشح حزب الله وحركة أمل، أن الطريق الوحيد لانتخاب رئيس يكون عبر مجلس النواب والمؤسسات الشرعية، وضمن اللعبة الديمقراطية، علماً أنهم منفتحون على تأييد مرشح غير وزير المال السابق جهاد أزعور، إن لقي التأييد النيابي الواسع والتوافق المطلوب.
وقال رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في تغريدة على “تويتر”، إن “أي تدخل خارجي مرحّب فيه ليساعدنا، ومرفوض إذا هدف إلى فرض علينا خيارات لمصلحته”، مشيراً إلى أن “أي حوار مرغوب إذا من ورائه نتيجة سريعة، ومرذول إذا كان لإضاعة الوقت، وما كان مربوطاً بأجندة واضحة وبزمن محدد والأهم بجلسة انتخاب بنهايته مهما كانت نتيجته”، مضيفاً: “إذا نجح، الجلسة تجسّد التفاهم، وإذا فشل، فديمقراطية التصويت تحسم الخلاف”.
وفي 14 يونيو/حزيران الماضي، أخفق البرلمان اللبناني بانتخاب رئيس للبلاد للمرة الـ 12، في ظل عدم تمكّن أي من المرشحين من تأمين أصوات غالبية الثلثين، أي 86 صوتاً من أصل 128 نائباً في الدورة الأولى، قبل أن يعلن رئيس البرلمان نبيه بري رفع الجلسة بعد تطيير فريقه السياسي نصاب الدورة الثانية.
وتمكّن الفريق المعارض لفرنجية، بعد انضمام “التيار الوطني الحر” ومستقلّين وبعض نواب “التغيير”، من حصد 59 لصالح مرشحه، جهاد أزعور، فيما نال فرنجية 51 صوتاً، وتوالت بعدها أصوات حزب الله وحلفه السياسي، لإجراء حوار لكونه الطريق الوحيد لانتخاب رئيس، بيد أن طرحه يلقى اعتراض القوى السياسية، ولا سيما المسيحية الكبرى، التي تعتبر أن حزب الله يريد فرض مرشحه، من دون بحث أي اسم آخر.
المصدر: العربي الجديد
رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=30234