مجلة عرب أستراليا- بقلم الدكتور محمد الديراني

في عالمٍ تتراقص فيه الألوان بتناقضاتها، نجد بعض الأفراد يسيرون بلا هوية واضحة، يتلونون مع التيارات، وكأنهم أوراق تتقاذفها الرياح. هؤلاء الأشخاص، رغم تعدد ألوانهم، يعيشون حالة من الانفصام، حيث تتلاشى لديهم الحدود بين الذات الحقيقية والانعكاسات التي يفرضها المجتمع. إنهم يعيشون في عالم رقمي، حيث أصبحت الهواتف الذكية ملاذهم الوحيد، وملجأهم في مواجهة فراغ الهوية.
في هذا العالم الافتراضي، يجدون الراحة في التماهي مع الآخرين، ولكن في ذات الوقت، يبتعدون عن ذاتهم الحقيقية، تلك الذات التي تحتاج إلى الشجاعة لتظهر وتبرز
لكن، هناك من يختار بوعي أن يسير ضد التيار، يتمسك بمبادئه، ويسير وراء قلبه، حتى وإن كانت الألوان حوله تخبره بأن يغير مساره. هؤلاء الأفراد يدركون أن الثبات على الذات هو مفتاح الحرية الحقيقية، وأن الوحدة ليست عيبًا، بل هي لقاء مع النفس، حيث يتمكنون من اكتشاف عمق أرواحهم وثرائها.
في عصرنا هذا، حيث تتغير الألوان بسرعة البرق، يصبح التمسك بالهوية الحقيقية أشبه برحلة شجاعة نحو الذات، حيث نكتشف فيها عوالم من الجمال والصدق لا يمكن لأي تيار أن يطمسه. إنها دعوة لنكون كما نحن، غير مكترثين بتلون الآخرين، لأن الثبات على الذات هو أسمى أشكال الحرية.
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=40425