مجلة عرب أستراليا سيدني- سوسيولوجيا الناخبين شمالا تخذل “علوش”
بقلم الدكتور زياد علوش
يعتبر الدكتور مصطفى علوش على نطاق واسع أحد أبرز رموز العمل الحزبي في لبنان على أساس الانضباط التنظيمي والنقاء الإيديولوجي وربما هاتين الصفتين لا تشفع لصاحبهما في ممارسة العمل السياسي والحزبي في بلد تفشى فيه الفساد وتدنت فيه معايير التخصص الدقيق كما التركيب العام ربما يكون ذلك ممكنا في الديمقراطيات العريقة
المقدمة تكتيك لا بد منه لتناول عدم قدرة أمثال الدكتور علوش الجراح الشهير والخبير المتمرس بإسقاط استأصال الأورام السرطانية الجسدية على السياسية منها وعجز المنظر السياسي المرموق عن تحقيق الحواصل الانتخابية الموصلة إلى البرلمان اللبناني وفي المقابل يحقق أصحاب الوعود المعسولة والتنجيم والتشبيح فائضا في الأرقام التفضيلية بالتوازي مع الحديث عن السمسرات والرشاوى والبيع والشراء التي طالت الكثير من الأصوات الناخبة
للإجابة عن مثل هذه الأسئلة ربما يجدر بنا متابعة مقتطفاً بعنوان “الجرح السوسيولوجي…” لعالم الاجتماع المغربي فوزي بوخريص نشرته الجمعية العربية لعلم الاجتماع.
اعتبر برنار لاهير، في خضم دفاعه عن السوسيولوجيا، بأن سوء الفهم الكبير الذي يواجه به هذا العلم راجع بالأساس إلى أنه يحدث جرحا في الصورة التي للإنسان عن ذاته، بل وللمجتمع عن ذاته: فبعد الجرح الكوبرنيكي الذي كشف زيف الاعتقاد بمركزية الأرض، وبعد الجرح الدارويني الذي قوض كل رؤية انسانية منفصلة جذريا عن مملكة الحيوان، وبعد الجرح الفرويدي الذي فرض الاعتراف بأن النشاط النفسي لم يكن واعيا كليا، سيقوض الجرح السوسيولوجي الوهم الذي تبعا له كل فرد هو ذرة منعزلة، حرة وسيدة مصيرها، ومركز مستقل صغير لتجربة في العالم، باختياراته وقراراته وإراداته بدون اكراهات ولا أسباب.
إن السوسيولوجيا في نظر لاهير تذكرنا بأن الفرد ليس كيانا منغلقا ومنكفئا على ذاته، ويحمل في ذاته كل مبادئ وكل أسباب سلوكه. وبذلك، فهي تأتي لتعارض كل التصورات السعيدة حول الإنسان الحر، المحدد ذاتيا والمسؤول عن ذاته مسؤولية تامة. وتكشف أيضا عن واقع التباينات، والتفاوتات، وعلاقات الهيمنة والاستغلال، وممارسة السلطة وسيرورات الوصم…
وفي تقاطع هاتين النقطتين المتمثلتين في الجرح النرجسي والمقاومات، يتأسس نقد السوسيولوجيا…
السوسيولوجيا وإيجاد الأعذار…سوء الفهم الكبير:
وقد اتُّهِم هذا العلم ، منذ حوالي أربعين سنة، و خصوصا خلال العشرين سنة الماضية، بتبرير أو إيجاد الأعذار للجنوح ، واضطرابات النظام العام، وللجريمة والإرهاب، وحتى لما تشهده المدرسة من مظاهر الفشل والهدر المدرسي، أو السلوكات اللامدنية والعنف أو الغياب…الخ. كما لو أن السوسيولوجي عندما يحاول جاهدا فهم الأسباب والشروط التي تجعل الإنسان يقترف جريمة ما ، هو عمليا أن يجد له الأعذار والمبررات !!
هكذا، يعتبر أولئك الذين يهاجمون ما يسمونه ” إيجاد العذر السوسيولوجي”، بأن سعي السوسيولوجيا إلى فهم ظواهر الجنوح والجريمة والإرهاب والفشل الدراسي…الخ، هو طريقة لإيجاد العذر وللبحث عن الصفح ، بإسقاط المسؤولية عن الجانح أو المجرم أو الإرهابي أو….الخ.
ورد مثل هذا النقد للسوسيولوجيا في كتاب لفليب فال صدر سنة 2015 ( Malaise dans l’inculture”). مؤلف الكتاب، يرجع جانبا من اختلالات المجتمع الفرنسي إلى سيادة ما يسميه “النزعة السوسيولوجية sociologisme “، التي ملأت الدنيا وشغلت الناس واحتلت الأذهان. اللفظ كما يوظفه فليب فال، لا يقصد من ورائه الخوض في السوسيولوجيا وفي انحرافاتها، بقدر ما يسعى إلى محاكمة السوسيولوجيا، باعتبارها تسعى، في زعمه، في تناولها لمواضيعها إلى نزع المسؤولية عن الأفراد…
في الخلاصة وهو ما يشرح ليس فقط نشؤ الفقر والبؤس والتهميش بل عن استمراره هل الناخبون في لبنان عموما وفي الشمال خصوصا وعلى الأخص في طرابلس وعكار مسؤولون عن اختياراتهم الديمقراطية أم نزعت تلك المسؤولية عنهم أو منهم بفعل تكرار نفس الأعمال أملا في نتائج مختلفة
كل ما نعلمه دون أن نقسوا على أحد أنّ قوة اللحظة فرضت نفسها في تلك الساحات لذلك فضل الطرابلسيون العكاريون الخوض في تداعيات الواقع دون الخوض العميق في أسبابه
الأولوية الآن لمن يستطيع أن يشفع عند السلطة للكثير ممن يتعاطون حبوب الهلوسة والطعن بالسكاكين دون الخوض في الأسباب الموجبة التي أدت لذلك البؤس يستطيع د. علوش أن يخاطب النخب بضرورة الحكم الرشيد وقيام الدولة العادلة والمنتجة وان يؤكد انه بعيدا عن الإصلاح السياسي عبثا المحاولة في الأمن والاقتصاد والاجتماع وما في معنى ذلك
لكنه بالتأكيد اي الرجل المتصالح مع نفسه د. علوش لا يستطيع أن يعدهم بشيء من لذة الحياة البائسة “عش سريعا ومت شابا.
رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=24887