الدكتور رغيد النحّاس- عندما كنت طفلًا

مجلة عرب أستراليا سدني -عندما كنت طفلًا

بقلم الدكتور   رغيد النحّاس

كلّما زار الأحفاد بيت الجدّ والجدّة، ينطلق الجميع إلى منتزه “بحيرات تشريبرووك”، منتزه جميل يقع على مسافة سير قصيرة من المنزل.

“التمشاية” على ضفاف البحيرة، والاستمتاع بنوافير المياه، ومشاهدة فراخ البط تنتظم في أرتال خلف أمّهاتها على صفحة الماء، والطيور التي تحلّق وتحطّ لاهية بين الهواء والماء والأشجار والتربة، والأشجار الباسقة، والنباتات المورقة، والأزهار المتألّقة، وخشخشة الأوراق التي تفرش الأرض، والروائح التي تدمغ المكان بنكهته الخاصّة، خصوصًا رائحة الأوكاليبتوس، شجر أستراليا بامتياز، تشكّل تجربة روحيّة وجسميّة فريدة يميّزها الأطفال بذكاء.

قبل سنتين من هذه النزهة، حين كان عمر الحفيد سنتين، كان الجدّ وحفيده وبقيّة أفراد العائلة يستمتعون بهذه المشاهد وهم فوق منصّة خشبيّة تمتد فوق البحيرة لمسافة تكفي لتجعلك تشعر أنّك وسط البحيرة، والماء يحيط بك من كلّ الجهات.

وهم في غمرة هذا السحر، فلتت قنينة الماء من يد الحفيد ووقعت في البحيرة. كان الحفيد يصرّ دائمًا على حمل قنينته معه. ولمعرفة الجدّ بأهميّة ذلك، ورؤيته الذعر الذي ارتسم على وجه الحفيد، كان عليه التصرّف بسرعة.

كانت القنينة تنجرف تحت المنصّة مع تيّار الماء من جهة وقوعها إلى الجهة المقابلة المكشوفة. كانت واضحة من الفراغات بين الألواح الخشبيّة التي تشكّل أرض المنصّة.

انبطح الجدّ على الأرض في الجانب الذي توقّع فيه ظهور القنينة، ومدّ ذراعه إلى أقصى حدّ من خلال قضبان الحاجز الذي يحمي المتنزهين من السقوط، واستطاع التقاط القنينة بمجرّد أن ظهرت في الجانب المكشوف.

البهجة العارمة ارتسمت الآن على وجه الحفيد.

واليوم، والحفيد بلغ سنواته الأربع، كان بصحبة جدّته في ذلك المنتزه. وبمجرّد بدء مسيرهما فوق المنصّة، التفت إلى الجدّة وقال: “عندما كنت طفلًا صغيرًا، فلتت من يدي قنينة الماء هنا، وجدّي استعادها لي.”

https://raghidnahhas.com/home

رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=17064