مجله عرب استراليا -سدني -الحرب الارمينية الاذربيجانية المتجددة، والدور التركي البارز فيها بقلم الدكتور خالد العزي – باحث في الشوون الروسية واوروبا الشرقية.
استطاع اردوغان الدخول على جمهورية ناغورني قره باغ المتنازع عليها بسبب الفراغ الدبلوماسي لهذه الجمهورية غير المعترف بها دوليا ، لقد ارسل العديد من المرتزقة السورين والليبين والتونسين، لقد استغلال وضعهم المالي ووجودهم القصري في تركيا او تحت حماية الفصائل المنضوية تحت امرتها.
يعلم اردوغان جيدا في كره باغ تتواجد مرتزقة الحرس الثوري الايراني التي تقاتل في بالاقليم من سنوات بالاضافة الى المرتزقة الارمنية القادمة من دول المهجر للقتال الى جانب الحكومة، وكذلك الحشود الولائية التابعة للحرس الثورة من” لبنان والعراق والبحرين”.
يعرف اردوغان جيدا بان قدرات االجيش الاذري تغييرت كليا وباتت بحالة جيدة وقد تعافى وضعها وتم تسليحها باحدث سلاح وافضل نوعية من روسيا واسرائيل وتركيا ويبلغ عدد شعب اذربيجان 10 مليون نسمة ووباتت لديها قدرات عالية للقتال وفرتها الطفرة النفطية الاخيرة حيث تمكن الرئيس علييف من تحسين وضع الجيش وتسليحه من خلال اتفاقيات دولية.
يعرف اردوغان مدى الضغط الذي يمارس على الرئيس الهام علييف من قبل الجبهة الشعبية الاذربيجانية المرتبطة بتركيا والتي تدفع للحرب والقتال الدائم في الجبال تحت شعار استعادة الاراضي المحتلة، وهذا الامر علقت عليه اذربيجات كثيرا في التوصل الى حلول مع ارمينيا طوال السنين الماضية منذ عام 1994 عندما توقفت الحرب الثانية بين الدولتين وتشكلت الرباعية الدولية بمينسك المعنية بحل الازمة ووضع الطرفين على طاولة التفاوض..، لكن ارمينيا تجاهلت كل ذلك .
للاسف لم يحصل التوافق على حلول منصفة للبلدين ، كنت روسيا موافقة على الستاتيكو القائم في الجبهة والتهدئة الهشة ،لكونها تعتبر ان الهدوء في المنطقة لمصلحتها ولا تريد نقل هدير المعارك الى حدودها المجاورة حيث تنتشر الجاليات الارمنية والاذرية في المدن الروسية، فروسيا تتحمل مسوؤلية الاخفاق الحقيقي في الاقليم وترك الجراح مفتوحه دون بلسمتها…
لذلك استغلت تركيا الخاصرة الرخوة في صراعها الحالي في القوقاز والانتقال الى باكو لتجسيد حالة امر واقع لتكون انقرة موجودة في الحلول القادمة للمنطقة ، ولاظهار ان وجودها في الاقليم ضروري للتهدئة ولايجاد الحلول العالقة بين الطرافين المتنازعين ،فهي تحاول الاطباق على اذربيجان والتحكم في قرارها وتشكيل عامل قلق لروسيا في حديقتها الخلفية…
لكن الاكيد بان الجميع يحاول التهرب من تدويل القضية وحل المشكلة من خلال الامم المتحدة فالجميع اسر على التهدئة واسكات صوت المدافع ، هذا التوجه الدولي يعيد الاعتبار للدور الروسي في ممارسة الاتصال بين الافرقاء للتهدئة لكن دون الدخول في تفاوض فعلي يفرض حلول قادمة.. للازمة المفتوحة على مصرعيها .
طبعا ستكون المرتزقة الاردوغانية هي العائق الفعلي في التهدئة التي لا تختلف عنها المرتزقة الايرانية على المقلب الثاني ،، ،فالمشكلة في هذا الصراع تكمن بالتداخل الواضح بين القوى المتحالفة والمتصارعة ، فهذا يعني بان السيطرة والنفط وتجارة السلاح والنفوذ هم الاساس في مضمون الصراع القائم في الاقليم. اما في الشكل فاننا نرى الصورة الغالبة في الاحلال والاحاديث هي اظهار صور المرتزقة ودور تركيا في المنطقة و الحديث عن الصراع المذهبي بين الشيعة والمسيحية في نقطة الخلاف التي تعكسها صورة التحالفات الدولية المختلفة في المنطقة من خلال دعم ايران الشيعية لارمينيا الارثوذكسية وتركيا السنية لاذربيجان الشيعية برعاية اسرائيلية وروسيا للطرافين.
روسيا التي تمتع بعلاقة جيدة مع البلدين والاطراف المتصارعة في تركيا وايران ، تزود الطرافين بسلاح جديد ومتطور، لهاقاعدة عسكرية في ارمينيا وتربطها اتفاقية دفاع مشترك مع دول من الاتحاد السوفياتي السابق ، وتنتشر فيها جالية كبيرة من الارمن وتمسك في زمان القرارات السياسية ومتواجدة في صلب القرارا السياسي ولعل وزير الخارجية احد هذه الشخصيات الارمنية .
وبالرغم من الربط الروسي مع ارمينيا والشعب الارمني لا يمكن الابتعاد عن اذربيجان حيث هناك ترابط وعلاقات كبيرة مع روسيا لا تقل اهمية عن علاقاتها مع ارمينا .لذلك روسيا ستعمل على ضبط ايقاع الصراع في مناطق نفوذها من خلال تسوية قادمة تحفظ البلدين .
امريكا الساكتة عن الصراع والتي تهتم بموضعها الانتخابي قبل البدأ باي قرار بشان الاشتباكات فكانها تركت الموضوع لروسيا ، امام فرنسا الحائر الساكت بالرغم من عدائها وصراعها مع تركيا واللوبي الارمني الضاغط في فرنسا
فهذه الاشتباكات العسكرية المندلعة بين الدولتين بشكل مفاجئ، والتي تشكل الجولة الرابعة من الاشتباكات المسلحة ، وضعت الجميع امام ازمة فعلية من خطر الصراع فالصراع بكل معنى للكلمة يدور حول خطوط الغاز والنفط التي لا تبعد هذه الخطوط عن الاشتباك اكثر من 40 كيلو، وتضخ 1،2 مليون برميل من النفط عبر خط انابيب باكو -جيهان – تبلسي ، وكذلك خطط انابيب غاز جنوب القوقاز 22 مليار متر مكعب في السنة فا>ا كان الشكل المراد من هذه الحرب المشتعلة تغيير خطوط قواعد الاشتباك الجغرافي ، لكن في المضمون كما يبدو بات واضحا بان هذه الخطوط يراد تغيرها وتحويلها نحو شرق اوروبا مما يفرض من خلالها ان تصبح اذربيجان دولة اساسية في تصدير الطاقة الطبيعية الدولي، لذلك تحاول تركيا الاطباق على اذربيجان من خلال تسعير الجبهة ومدها بالسلاح والعتاد والمرتزقة لحجز مكان لها في القرار المحلي القادم.
على الرغم من ان قرارات اذربيجان الجديدة بحسب التحليلات الروسية قد تغييرت كليا حول الصراع الذي يقتصر على استعادة 20بالمئة من اراضيها المحتلة وليس استعادة الاقليم المتنازع عليه لكي لا تغضب روسيا بل التوجه نحو التفاوض على مستقبل الاقليم برعاية روسية ، اما من حيث التجهيزات الحربية باتت باكو تملك قدرات عسكرية وتجهيزات حربية اعلى بكثير من يريفان ، اما قدراتها البشرية في اكثر بثلاثة مرات ونصف من ارمينا .
لذلك تركيا تحاول الدخول في هذه المعركة المتجددة لفتح الملفات في سوريا والعراق وليبيا وشرق المتوسط لاستدراج اعتراف دولي بدورها الاقليمي، والضغط على روسيا في ملف التصعيد في فرض معادلة جديدة في الصراع ادلب مقابل كره باغ.
فالحرب التي تدور في الاقليم لقد ضعت الاطراف جميعها و المعنية امام حقيقية لابد من معرفتها من خلال الاقتناع التام بان فتح المعركة الان والسماح لاذربيجان بتحقيق انتصار في المعركة هي الخطوة الصحيحة لكي تبدأ المفاوضات بين الدولتين والجلوس على الطاولة للبدأ بايجاد حل فعلي للاقليم ، وانهاء الماسأة التي يدفع ثمنها السكان الابرياء ، وكما يبدو الموقف الامريكي والموقف الفرنسي قد ابلغوا روسيا بهذا التوجه مما يعزز توجهها بالحلول الفعلية للاقليم ، وهذا ما دفع بالرئيس بوتين لمتابعة الموضوع شخصيا مع الطراف المتنازعة ، لان روسيا تعتبر المنطقة هي فضائها الجيوسياسي عكس الحروب الثلاثة الماضية التي كانت الخارجية والدفاع هي التي كانت تهتم بمتابعة الملف والذي ينتهي بهدنة ووقف اطلاق النار . اذن الصراع في قره باغ بات يمثل هدفا حيويا للقوى المتصراعة على المنطقة التي تزدهر فيها تجارة الثروات الطبيعية وبيع السلاح المرتبطة بالدول الكبرى المتصارعة .
هنا لابد من القول بان تركيا تدفع بمرتزقتها وايران تدفع بمرتزقتها من الولائين والحشدو والحرس الثوري والارمن المهاجرين من اجل فرض امر واقع في المعارك فالصراع متشعب الاطراب ، يمتد الى اسرائيل التي هي على علاقة وطيدة بالدولتين ولها قواعد عسكرية في اذربيجان وارمينا وهناك خطوط طيران بين الدولتين واسرائيل عن طريق باكو ويريفان الى تل ابيب في تسير رحلات يومية على شركة العال الصهيوينة .
نرى بان هذه الحرب ليست مذهبية او دينية كما يحاول تصويرها البعض بل هي حرب المصالح والنفوذ والسيطرة لدول اقليمية تحاول تعزيز مواقع نفوذها بالتغير الجوسياسي القادم للخارطة الجديدة التي ترسم بين الدول العالمية .
اذن حن العرب لا يمكن الوقف في هذه الحرب المشتعلة الى جانب طرف من الطرفين المتقاتلين لاننا لا نريد ان ندخل في حرب المحاور التي لا تخصنا لا من قريب ولا من بعيد.
رابط مختصر مختصر https://arabsaustralia.com/?p=11506