spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

كارين عبد النور _ الأوبئة والأمراض التي تهدّد النازحين اللبنانيين: خطر يتفاقم في ظلّ الأزمات

مجلة عرب أستراليا- كارين عبد النور  حذّرت منظمة الصحة العالمية...

هاني الترك OAMـ عودة إلى الله

مجلة عرب أسترالياــ بقلم الكاتب هاني الترك OAM الكتب والمؤلفون...

د. زياد علوش- طوفان الأقصى بنسخته اللبنانية يفتقد دور الحريرية السياسية

مجلة عرب استراليا- بقلم د. زياد علوش تغييب "الحريرية"السياسية افقد...

الدكتور خالد العزي- “الشطرنج” الكازاخي و”طريق الحرير” الجديد

مجلة عرب أستراليا سيدني- “الشطرنج” الكازاخي و”طريق الحرير” الجديد

الدكتور خالد ممدوح العزي
الدكتور خالد ممدوح العزي

بقلم الدكتور خالد ممدوح العزي

لقد بات واضحا أن التدخل العسكري الروسي في كازاخستان هو لربط العاصمة آستانا (نور سلطان) بشكل ملح بموسكو والحد من دور الصين والولايات المتحدة، لأن الدولة كانت في زمن الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف توازي في العلاقات مع الدول الأخرى والابتعاد تدريجياً عن روسيا والاستقلال الواضح عن سلطتها في استخدام مخزونها من الطاقة الطبيعية بنفسها.

بالنسبة للجارة الثانية لكازاخستان كما يتضح من خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ، فهو يشارك الرئيس قاسم جومارت توكاييف في تقييم الاحتجاجات. وتتحدث الرسالة عن قوى خارجية تلهم ثورة ملونة في كازاخستان. لكن بكين تتضامن بصمت مع كازاخستان كون موسكو تولّت عملية التدخل العسكري بنفسها.

إن جمهورية الصين الشعبية لن تراقب من دون اهتمام ما يحدث عند الجارة الكازاخية، بحسب رسالة الرئيس الصيني. لكن بكين لن ترسل جنوداً، مثل موسكو، لأنها مهتمة بأمن إمدادات الغاز والنفط واستثماره في مشروع «طريق الحرير» عبر الجمهورية المشلولة. بالإضافة إلى الحدود المشتركة مع منطقة شينجيانغ الأيغورية ذات التواجد الإسلامي الكبير والتي تعيش حالة صدام مع بكين، حيث تتخوّف الأخيرة من تنفيذ هجمات ضدها، ما يجبرها على تعزيز أمنها.

ويحتمل أن ترسل الصين متخصّصين في مكافحة الإرهاب إلى جارتها، لأن المصالح الاقتصادية لبكين في كازاخستان كبيرة لدرجة أنها لا تسمح لقيادتها بالوقوف جانباً وغسل أيديها من الأحداث الخطرة التي تؤدي إلى عدم الاستقرار.

بكين عبرت عن انزعاجها من التظاهرات التي حصلت في المدن الكازاخية، واعتبرتها شأناً داخليّاً، ولكنها أعلنت التأييد المباشر لتدخل روسيا عسكرياً من خلال قوات «منظمة معاهدة الأمن الجماعي»، لأن كازاخستان هي الرابط الرئيسي في مبادرة «الحزام والطريق».

وأعلن شي في العام 2013 عن مشروع لبناء بنية تحتية من شأنها أن تطوق العالم بأسره، فيما استثمرت الشركات الصينية في كازاخستان 19.2 مليار دولار للفترة من 2005 إلى 2020، وفقاً لسفارة جمهورية الصين الشعبية. وبحلول العام 2023، سيتم الانتهاء من حوالى 56 مشروعاً آخر بمشاركة الصين بقيمة إجمالية قدرها 24.5 مليار دولار. كما نمت التجارة الثنائية بينهما وبلغت قيمتها نحو 23 مليار دولار العام الماضي. وفي 2021 أيضاً مرّ 15 ألف قطار شحن بحاويات مليئة بالسلع الصينية عبر السكك الحديد من الصين إلى أوروبا عبر كازاخستان. كذلك، لكازاخستان أهمية كبيرة في إمداد الصين بالطاقة، حيث يوجد خط أنابيب للغاز بين آسيا الوسطى والصين، الذي تم إطلاقه في العام 2009، والذي يضخ الوقود الأزرق من تركمانستان وأوزبكستان، وصولاً إلى منطقة شينجيانغ. ومع ذلك، استثمرت شركات الطاقة الأميركية العملاقة مثل ExxonMobil وChevron مليارات الدولارات في البلاد.

كان يُمكن أن تكون بعض الشخصيات البارزة من النخبة الكازاخستانية قد شاركت في الاضطرابات. ولم يكن عبثاً إقالة رئيس لجنة الأمن القومي من منصبه كريم ماسيموف، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في السابق، واعتقاله في قضية الخيانة العظمى. ماسيموف من الأويغور بحسب القومية الإثنية لرئيس فرع الـ»كي جي بي» ذات الجنسية الكازاخية. هذه الجنسية، التي تشكل غالبية سكان شينجيانغ، أثارت الكثير من المشاكل للقيادة الصينية، منذ أن نظمت بكين، تحت حكم ماو تسي تونغ، إعادة توطين الصينيين الهان في شينجيانغ، ما أشعر الأويغور، بصفتهم «أبناء الأرض»، بأنهم محرومون.

يطرح أنصار نظريات المؤامرة السؤال التالي: هل التقاعس الأولي لمخابرات «كي جي بي» يفسّر تعاطف ماسيموف مع الأويغور؟ فالوضع في الإقليم مصدر إزعاج في العلاقات الصينية – الكازاخستانية، فكان لأحداث شينجيانغ تأثير قوي للغاية على الأوساط القومية والدينية في كازاخستان، ما أدى إلى زيادة في المشاعر المعادية للصين.

أما ماسيموف، فقد حاول دفع أصوله الأويغورية إلى الخلف، مؤكداً أنه يعتبر نفسه كازاخستانياً، بالرغم من أنه درس في وقت من الأوقات في أورومتشي، عاصمة شينجيانغ. لكن صلات ماسيموف في شينجيانغ لم تلعب أي دور في اعتقاله. حصول التظاهرات في كازاخستان للمرّة الأولى في الجمهورية، فتح الطريق أمام احتجاجات حققت العديد من النقاط للمعارضة، ما يعطي الجمهور ثقة بالمعارضة في تحقيق المطالب. كازاخستان، الحليف الرئيسي لروسيا في دول الاتحاد السوفياتي السابق، فتحت فجوة واسعة في منطقة متنازع عليها دوليّاً، وهي ذات موقع هام في الإستراتيجية الروسية.

إذاً وحدات المخابرات «كي جي بي الكازاخية» لم تقاتل ضد «الإرهابيين» كما تصفهم روسيا، لأن المتظاهر بنظر موسكو هو إرهابي، وهذا المصطلح أضحى متعارفاً عليه في سوريا وفي روسيا نفسها إبان فترة تظاهرات المعارض أليكسي نافالني وفي تظاهرات بيلاروسيا الأخيرة واليوم في كازاخستان. فهل روسيا قادرة على إبقاء هذه الدولة في دائرة نفوذها من خلال قوات حفظ السلام، خصوصا أن إدخال الوحدة العسكرية التابعة لـ»منظمة معاهدة الأمن الجماعي» على الخط هي عملية طويلة الأمد للسيطرة على الدولة الغنية في آسيا الوسطى التي تمثل حديقة خلفية مهمة لروسيا؟

توجهات الصين تشير إلى كونها مستعدة للعمل مع روسيا وبذل جهود كبيرة لإقامة تعاون أوثق في مجال حماية أمن الطاقة ومواجهة التحديات الحالية في كازاخستان، بحسب نص الرسالة الصينية التي تؤكد «شراكة شاملة وتفاعلاً استراتيجياً في عصر جديد». تتسم سياسة الصين في كازاخستان في الوقت الحالي بالهدوء وعدم توتير العلاقات في ما بينهما، لكونها ستكثف العلاقات مع أستانا من خلال منظمة شنغهاي للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وستترك مهمة إعادة النظام إلى موسكو.

بالرغم من إخماد التظاهرات الكازاخستانية وتحقيق بعض الإستقرار المؤَقت، إلا أن الصين ستكون قلقة جداً نتيجة هذه الانتفاضة والتي تعرض مصالحها الاقتصادية والحصول على الطاقة وتأمين بوابة «طريق الحرير» للخطر.

رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=22004

ذات صلة

spot_img