مجلة عرب أستراليا سدني -أرمينيا والحلول الروسية القادمة. . .
بقلم الدكتور خالد ممدوح العزي
بالرغم من تعيين رئيس جديد للاركان في الجيش الارمني بقرار من رئيس الوزراء نيكول باشينيان بتاريخ العاشر من اذار الحالي بعد رفض توقيعه من رئيس الجمهورية مرتين مما جعله نافذا بحسب الدستور الارمني ، لكن التعيين لم يحل الازمة الصاعدة السياسية في أرمينيا التي تم تجميدها ، بعدما كانت على قاب قوسين من المواجهة حيث سيطر الاستقرار والترقب الحذر بين الخصمين الذين حاولا إبعاد بعضهم البعض وتحميل مسؤولية الهزيمة لبعضهم البعض بظل غياب أي مشروع أنقاض الدولة الأرمنية.
لم تستطع المعارضة القادمة من العشيرة القره باغية والتي قاتلت في عام 1992 في جبال قره باغ وانتصرت فيه وحكمت أرمينة ولكن بظل إخفاقاتها الاقتصادية انتصر حلف رئيس الوزراء الحالي بالثورة التغييرية عام 2018 ثورة شعبية أدت به لتشكيل حكومة جديدة كتب لها دفع خسارة باهظة في المعارك الأخيرة في الجبهة القره باغ لقد اتضح الصراع على السلطة في أرمينيا في الفترة الأخيرة تحديدا في بداية شهر آذار مارس الحالي إلى انفجار الشارع بين القوى الأساسية مما دفع بالعديد من الأحزاب والشخصيات إلى إعادة التموضع.
وعلى الرغم من اعتراض معارضو رئيس الوزراء نيكول باشينيان أمام مبنى الجمعية الوطنية – برلمان البلاد. حيث نصبوا الخيم وافترشوا الساحات وأعلنوا الاعتصام المدني
بالوقت الذي لاتزال المعارضة غير مستعدة بعد لتجاوز خطابها السياسي القائم على التصعيد العسكري مما دفع بأنصارها للشارع من خلال مسيرات شعبية مناهضة للحكومة أمام البرلمان.
مما دفع رئيس الوزراء الخروج إلى الشارع مع أنصاره ورفض كل الهتافات والصراخ بوجه واتهمه بالخائن بسبب الاتفاق مع الأتراك أي الاذربيجان في إقليم قره باغ وحثوا على المغادرة.
لايزال باشينيان رئيس الحكومة الأرمنية يواصل اتصالاته ومشاوراته مع مختلف الأطراف المعنية في الصراع التي يتواصل للأسبوع الثالث على التوالي من اجل تبيث مواقفه بالانتخابات البرلمانية المبكرة وتغير النظام السياسي في الدولة وتحويله الى نظام جمهوري .
ومن جديد رئيس الحكومة الأرمينية يستنجد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكان فعل ذلك في نوفمبر الماضي، حين فشلت قواته المسلحة في التصدي لهجوم القوات الأذربيجانية التي نجحت في استعادة قره باغ وما حولها من أراض أذربيجانية كانت أرمينيا احتلتها منذ ما يزيد عن 30 عاما.
لكن باشينيان الذي خرج من معطف الثورة الملونة التي أطاحت بأصدقاء روسيا وحلفائها في أرمينيا في عام 2018، يعود ثانية ليعتذر إلى بوتين وينشد دعمه في مواجهة ما وصفه بمحاولة الانقلاب العسكري من جانب رئاسة الأركان التي تطالبه بالاستقالة بوصفه المسؤول عن الهزيمة العسكرية الفادحة في مواجهة أذربيجان، وهو ما اضطره إلى اتخاذ قرار إقالة رئيس الأركان الذي يرفض رئيس الجمهورية ارمين سركيسيان التصديق عليه.
من جهة اخرى التقي باشينيان في الرابع من مارس الجاري مع أدمون مالوكيان زعيم المعارضة البرلمانية الذي بحث معه احتمالات إجراء انتخابات برلمانية مبكرة للخروج من المأزق الراهن.
بدوره أعلنه باشينيان أيضا عن ضرورة إجراء إصلاحات دستورية تشمل تغيير النظام الحالي من البرلماني إلى شبه الرئاسي. وكما يبدو بان موسكو لا تتعجل التضحية به، في انتظار ما يمكن أن تسفر عنه المواجهات الأخيرة التي تتواصل في أرمينيا بين باشينيان وأنصاره، ومعارضيهم المدعومين من رئاسة أركان القوات المسلحة.
وكانت أرمينيا تحولت من النظام الرئاسي إلى البرلماني في أبريل عام 2018، سعيا وراء الالتفاف حول ضرورة رحيل الرئيس السابق سيرج سركيسيان بعد انتهاء مدته الرئاسية الثانية، الذي أطاح به باشينيان في أعقاب نجاح ثورته الملونة، ولم يكن مضى على توليه رئاسة الحكومة سوى بضعة أيام.
فالمعارضة لاتزال عند موقفها الرافض لبقاء باشينيان في رئاسة الحكمة بل أعلنت بأنها تقبل بان يبقى قائما بأعمال رئيس الحكومة إلى حين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية المبكرة التي يطرح إجراءها في أكتوبر من العام الجاري، .وجهته باشينيان يصر على قراره بشأن إقالة رئيس الأركان من منصبه، وهو القرار الذي ردت عليه رئاسة أركان القوات المسلحة بطلب إقالة رئيس الحكومة، إعلانا من جانبها عن الانضمام إلى مطالب المعارضة التي طرحتها احتجاجا على توقيعه لاتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر من العام الماضي.
اذن فالأزمة التي احتدمت في أرمينيا من جراء التوقيع هذا الاتفاق واعتبرته استسلاما أمام أذربيجان بما حققته قواتها المسلحة من انتصارات استعادت بها الكثير من أراضيها بما في ذلك في مقاطعة قره باغ المتنازع عليها مع أرمينيا منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي.لقد دخلت روسيا على خط الوساطة بعد اعتذار باشينيان للرئيس الروسي وقف مع الشرعية في أرمينيا، في محاولة للإشارة إلى وقوف موسكو إلى جانبه في نزاعه مع المعارضة. لكن موسكو بل أعرب عن تأييده للحفاظ على النظام والهدوء في أرمينيا وتسوية الأوضاع هناك في إطار القانون.
باشيشيان أوضح موقفه للرئيس بوتين بعد المكالمة الهاتفية الذي اعتذر بها بعد توضيح من المعنيين. حيث أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية ليدحض انتقادات باشينيان حول عدم فعالية منظومات الصواريخ الروسية إسكندر التي تعتبرها روسيا أحد أفضل إنجازاتها العسكرية في معرض محاولاته لتبرير الهزائم المهينة التي لقيتها أرمينيا في المواجهة العسكرية مع أذربيجان في خريف العام الماضي.
وكان باشينيان قال إن سلفه سيرغي ساركيسيان مسؤول عن شرائها، وهي التي لم تثبت أي فعالية في الحرب مع أذربيجان ولم ينفجر من صواريخها أثناء المعركة أكثر من 10% ، وبالوقت الذي لم تطلق القوات الأرمنية صاروخا واحدا عبر هذه المنظومات التي لم يجر استخدامها خلال المعارك الماضية. وذلك ما دفع رئيس الحكومة الأرمنية إلى التراجع والاعتذار في مكالمة هاتفية مع الرئيس بوتين، بقوله إن هناك من قدم إليه معلومات خاطئة عن المنظومة الروسية.
ورغم كل مشاكل باشينيان التي ارتكبها منذ وصوله إلى سدة السلطة في أرمينيا في عام 2018، وتجاوزاته في حق موسكو، من هنا لذلك نرى أن العاصمة الروسية دخلت على خط التهدئة القائمة على إصلاحات دستورية وقانونية في الدولة وإبقاء باشيشيان بتصريف الأعمال دون الاستقالة وإجراء انتخابات برلمانية تحدد شكل البرلمان القادم.
رابط مختصر –https://arabsaustralia.com/?p=14798