spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 54

آخر المقالات

مروان التميمي ـ “الاعلام الالكتروني “… في الميدان أولًا وفي الحسابات أخيرًا

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الكاتب مروان التميمي إعلام لا...

فضيحة قضائية تهز لبنان: ملف رياض سلامة يشهد اختفاء مستند رسمي وتنحي قضاة دون تبرير

مجلة عرب أسترالياـ فضيحة قضائية تهز لبنان: ملف رياض...

روني عبد النور ـ البشر والأخطار الوجودية… التكيّف يُسابِق التدمير الذاتي

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الكاتب روني عبد النور تستعر...

هاني الترك OAMـ تعويضات مالية لمقبل

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM تاجر المخدرات...

أ.د. عماد شبلاق ـ حذاري أن تكون متفوقًا في هذا البلد!

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د. عماد وليد شبلاق ـ...

الدكتورة نضال الأميوني ـ أيّ معنى للتقدّم… في غياب الإنسان؟

spot_img

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الدكتورة نضال الأميوني دكاش

لا معنى لكل هذا التقدّم العلمي إذا ظلّ الإنسان أسيرًا لغريزة السيطرة والتوحّش. لقد أشار الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر، منذ منتصف القرن العشرين، إلى جوهر هذه المعضلة حين قال: «الخطر الحقيقي لا يكمن في التقنية بحد ذاتها، بل في الطريقة التي تُحوّل بها التقنية كل شيء، بما في ذلك الإنسان، إلى مورد للاستغلال».

التقنية، حين تُنتزع من إطارها الإنساني، لا تعود إنجازًا، بل تتحوّل إلى أداة قمع وهيمنة. فها هي إسرائيل، تمارس توحشًا يوميًا ضد شعب أعزل، وتغتال شخصيات علمية وسياسية وعسكرية، مستفيدة من آخر ما توصلت إليه مختبرات العالم المتطوّر. وها هي الولايات المتحدة، تفرض غطرستها على العالم باسم “الحرية”، وتوزّع المعايير المزدوجة بوجه حضاري مزيّف.

أيّ معنى إذًا للذكاء الاصطناعي، أو غزو الفضاء، أو الطاقة النووية، إذا استُخدمت لإبادة الإنسان بدل إنقاذه؟ أيّ جدوى من التقدّم حين يُسخَّر لتغذية الحروب بدل إنهائها، ولتوسيع الهوّة بين القوي والضعيف بدل ردمها؟

نحن نعيش اليوم في عالم تسوده شريعة الأقوياء، وتغيب فيه الإنسانية تحت ركام الدمار. وإن كان الشرق لا يزال يعاني نقصًا في التطور العلمي والتقني، فإن الغرب يعاني فراغًا أخلاقيًا رهيبًا، لا تملؤه ألف تكنولوجيا ولا ألف براءة اختراع.

التحدّي الأكبر أمام البشرية ليس في اختراع ما هو جديد، بل في استعادة ما هو مفقود: الضمير. فالتاريخ لم يحكم على الحضارات من حيث امتلاكها للأدوات، بل من حيث قدرتها على بناء التاريخ وحضارة الإنسان.

إننا، في هذا المنعطف الخطير من تاريخ البشرية، لا نحتاج فقط إلى علماء ومهندسين، بل إلى حكماء، إلى من يرفعون الصوت في وجه هذا العمى الأخلاقي الذي يجعل من الإنسان آلةً بلا قلب.

فيا صانعي القرار، ويا حملة رايات العلم والتقدّم، تذكّروا: لا تكنولوجيا تُنقذ عالماً فقد إنسانيته.

تقدّمكم لن يكون إنجازًا إلا إذا حافظ على الحياة، واحترم كرامة الإنسان، وكرّم الضعفاء بدل سحقهم.

فلنُعد التفكير بمفهوم “التقدّم”… قبل أن نتقدّم نحو الهاوية.

رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=43028

ذات صلة

spot_img