مجلة عرب أسترالياـ الخرف يلتهم الذاكرة والمليارات… خبراء يدقون ناقوس الخطر في أستراليا
يواصل مرض الخرف انتشاره بصمت في المجتمع الأسترالي، ليتحوّل تدريجيًا إلى تحدٍ صحي واجتماعي واقتصادي واسع التأثير. ومع تزايد أعداد المصابين سنويًا، بدأت الأصوات الطبية تدق ناقوس الخطر، محذرة من أعباء مالية وثقيلة على نظام الرعاية الصحية ما لم تُتخذ خطوات وقائية عاجلة وفعّالة.
تكاليف متصاعدة ترهق الاقتصاد
أظهرت دراسة حديثة أن مرض الخرف يُكلف أستراليا اليوم ما يقارب 3.7 مليار دولار سنويًا، وهو رقم مرشح للارتفاع بشكل مقلق، إذ من المتوقع أن يتجاوز 7 مليارات دولار بحلول عام 2058 إذا استمرت معدلات الإصابة في التصاعد على الوتيرة الحالية. وتشمل هذه التكلفة مصاريف الرعاية الصحية، وتقديم خدمات الدعم للمصابين، وخسائر الإنتاجية نتيجة خروج كثيرين من سوق العمل بسبب التدهور العقلي أو لانشغال ذويهم برعايتهم.
دعوات لحملة وطنية شاملة للوقاية
في ضوء هذه الأرقام، دعا البروفيسور هنري بروداتي، المختص في طب الشيخوخة وأبحاث الخرف، خلال كلمة ألقاها في نادي الصحافة الوطني، إلى إطلاق حملة وطنية توعوية للوقاية من الخرف. وأكد أن المبادرات الوقائية أثبتت نجاحها في أستراليا سابقًا، مستشهدًا بحملة “Slip, Slop, Slap” التي غيرت سلوك الناس تجاه سرطان الجلد وخفّضت نسب الإصابة به بشكل ملحوظ. ومن هذا المنطلق، يرى بروداتي أن حملة مشابهة تستهدف صحة الدماغ والوقاية من الخرف قد تنجح في خفض معدلات المرض مستقبلًا، وتخفيف العبء عن كاهل النظام الصحي والأسر الأسترالية.
أنماط حياة صحية تقلل المخاطر
وأوضح الخبراء أن الوقاية من الخرف ممكنة بدرجة كبيرة عبر تبني أسلوب حياة صحي ومتوازن، بما يشمل ممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على تدفق الدم إلى الدماغ، وتناول غذاء غني بالخضروات والفواكه والأسماك الدهنية، إضافة إلى الحفاظ على النشاط العقلي عبر القراءة والتعلم المستمر. كما نصح الأطباء بمراقبة ضغط الدم والسكري والكوليسترول، وعدم تجاهل مشاكل السمع أو العزلة الاجتماعية، إذ أثبتت الدراسات أن هذه العوامل مجتمعة تزيد من خطر الإصابة بالخرف في المراحل العمرية المتقدمة.
أبعاد إنسانية واجتماعية واسعة
لا تقتصر آثار الخرف على الجانب الصحي أو الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتشمل الجانب الإنساني والاجتماعي، حيث يواجه المصابون تراجعًا تدريجيًا في ذاكرتهم وقدراتهم الإدراكية، ما يؤثر على علاقاتهم وأدوارهم اليومية ويزيد من اعتمادهم على الآخرين. ونتيجة لذلك، تعيش عائلاتهم ضغوطًا نفسية واجتماعية كبيرة لرعايتهم، مما يسلط الضوء على أهمية تقديم الدعم النفسي والاجتماعي المتكامل للعائلات، بالتوازي مع برامج الوقاية والتوعية المجتمعية.
يُعدّ مرض الخرف تحديًا وطنيًا في أستراليا، لكن الأمل ما يزال قائمًا عبر الاستثمار في الوقاية والتثقيف الصحي وتشجيع أسلوب الحياة النشط. فالعمل اليوم على نشر الوعي وتحفيز الناس على حماية قدراتهم العقلية لا يضمن لهم شيخوخة أكثر صحة وكرامة فحسب، بل يخفف أيضًا من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية التي قد تثقل كاهل البلاد خلال العقود المقبلة.
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=43419



