spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 53

آخر المقالات

عباس مراد ـ أستراليا: لا أقلية ولا أكثرية… بل مواطنون

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب عباس علي مراد في خضم...

هاني الترك OAMـ حتى لا تحدث أنزاك ثالثة

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM حينما إندلعت...

كارين عبد النور ـ أوطان من ورق وروايات عربية تكتب مدنها المكسورة

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتبة كارين عبد النور هنا بيروت،...

أ.د.عماد شبلاق ـ أبناء المهاجرين العرب …. للأسف !

مجلة عرب أسترالياـ بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق- رئيس الجمعية...

الدكتور طلال أبوغزاله ـ محكمة العدل الدولية تملك من الشواهد والحقائق ما يكفي للتحرك

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الدكتور طلال أبوغزاله  إعلان وزير...

البروفسور عبد الله الزعبي ـ 2025 عام مفصلي لمستقبل الإنسان

spot_img

مجلة عرب أسترالياـ بقلم البروفسور عبد الله سرور الزعبي ـ مركز طالع الكتب الثقافية

مرّ التاريخ بمحطات بشرية بأعوام مفصلية، شكّلت نقاطًا لم تتحوّل إلى تاريخ الإنسان، ووحّدت الفكر الفكري والسياسي والعالمي لقرون تلتها. على سبيل المثال، عام 776 قبل الميلاد قد رسّخت فيه فكرة التنافس السياسي بين الشعوب، وعام 472 ميلادي، عام سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، فأنهى العصر الكلاسيكي في أوروبا، وعام 622 تمّ تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، وعام 1492 عام اكتشاف العالم الجديد (قارة أمريكا) وانطلاق العصر الاستعماري، وعام 1760 عام قفزة الثورة الصناعية الأولى (استخدام الفرامل والآلة المبكرة)، وعام 1789 الذي أسقط الملكية المطلقة وبشّر بعصر الحرية الأوروبية، وعام 1870 الذي شهد قفزة الثورة الصناعية الأولى (اختراع الكهرباء ومهد صناعة الصلب والقطارات الفرنسية)، وعام 1914، اندلعت فيه الحرب العالمية الأولى، فأنهت إمبراطوريات كبيرة كالعثمانية والنمساوية وأعادت رسم خريطة العالم الجيوسياسية، وعام 1929 عام الكساد الكبير، وعام 1945 الذي استخدمت فيه الأسلحة النووية، وأنشئت هيئة الأمم المتحدة وتمّ تشكيل نظام ثنائي الأقطاب، وعام 1970 الذي شهد الثورة الصناعية الثالثة (مهد لدخول الحواسيب)، وعام 2001 الذي غيّر ملامح السياسة الدولية إلى حد ما (أحداث 11/9) وقيّدت فيه الحريات، وعام 2011 الذي انطلقت فيه الثورة الصناعية الرابعة (التي نشهد اليوم نتائجها)، وعام 2020 (عام وباء كورونا) الذي بدأت فيه حركة اقتصادية وتسارعت عمليات التحوّل الرقمي، وحتى عام 2025، حيث انطلقت الحرب، فارتأى بأن العالم التُفِت فيه عند مفترق طرق تاريخي وغيره، وستؤدي إلى تشكيل محطة يُعاد فيها صياغة إلكترونيات عالمية وعلاقات الإنسان بمحيطه لمحاولة رسم طريق جديد للمستقبل.

انطلق عام 2025 بإعلان الرئيس الأمريكي عن تطبيق شعار “أمريكا الجديدة”، وهو الشعار الذي يحمل دلالة واضحة على إعادة تحديد السياسة الداخلية الأمريكية، والتحكم في شؤون الدولة (التي تُعتبر الأكبر اقتصاديًا في العالم وبحجم لا يتجاوز 29 تريليون دولار ونفس الوقت بلغت ديون أمريكا 36 تريليون دولار) ولأن الفرص الوظيفية للأمريكيين والرغبة القومية الأمريكية، معتمدة رسميًا على فلسفة القطبية الأمنية مع التحكم (الاقتصادي والتجاري والدبلوماسي) التي تبنّتها على مدى العام الماضي.

شعار “أمريكا أولًا” ليس بالشعار الجديد، وقد استُخدم بالفعل من قبل بعض الرؤساء الأمريكيين خلال فترات سابقة، وكان مرتبطًا بتوجهات لها دلالات وفقًا للسياقات الزمنية المختلفة، مثلًا الرئيس ويلسون (1914-1917) الذي شهد عهده انقسام الرأي العام الأمريكي حول دخول الحرب العالمية الأولى، واستخدم الشعار المعروف عن الحياد الأمريكي في السباق الأوروبي. كما برزت حركة “أمريكا أولًا” كحركة سياسية أمريكية في الثلاثينيات من القرن الماضي (من أبرز شخصياتها الطيار تشارلز ليندبرغ) خلال فترة الكساد الكبير، وهدفها كان الابتعاد عن التدخل في شؤون أوروبا.

إلا أن الرئيس الحالي يستخدمه للدلالة على السياسات الوطنية لتعزيز المصالح الوطنية الأمريكية ولدعم الحمائية الاقتصادية، منطلقًا من استراتيجية خارجية لإعادة تشكيل العلاقات الدولية لأمريكا، انطلقت من تقليص الالتزامات الأمريكية مع الحلفاء التقليديين (الضغط عليهم) والحد من التعاون مع الأمم المتحدة وغيرها، والسعي نحو نظام تجاري عالمي مخصص يخدم أمريكا.

من السياسات الرئيسية لترامب داخليًا، تقليل الضرائب على الشركات لتشجيع الاستثمار داخل أمريكا، ودعم الصناعات الوطنية، ورحيل المهاجرين غير الشرعيين، ومحاربة الهجرة، وهو ما يُبذل فيه قصارى الجهد لتعزيز المصلحة الإنسانية الشاملة.

الإبداع الذي أربك دول العالم خلال الأسبوع الأول، هو الصراع التجاري واسع النطاق الذي شمل أكثر من 180 دولة (بما في ذلك دول حليفة لأمريكا)، وكانت الصين المتأثرة الأكبر فيه، وهي التي تُعتبر أكبر اقتصاد عالمي عبر التاريخ، مهددة اليوم فقط، ومن ثم قد تصل إلى ركود عالمي.

المعالم متميزة عالميًا، معترف بها وقد تتفجر في جميع القارات، وترافقها عواصف زلزالية لها ارتدادات لا يمكن لاقتصادات ضعيفة أو متوسطة تحمّلها، مثل الصين (ثاني أكبر اقتصاد عالمي – حوالي 18.54 تريليون دولار) والاتحاد الأوروبي (بحجم اقتصادي يقارب 19 تريليون دولار) وبعض الدول الأخرى بدرجات مختلفة.

الصراع التجاري ليس مجرد تناقضات تجارية ناتجة عن اختلال الميزان التجاري، بل هو تجسيد لصراع الهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية، ويحدد الرؤية المستقبلية لأمريكا والعالم.

الحرب التي نتابعها منذ أيام قد تُحتسب كنهاية لحرب عالمية محسوبة، بدأت مساء يوم 4/9/2025، وتمثلت في فرض قيود جمركية ضخمة وخفض للرسوم الحرة. المثال الأبرز هو القرار الأمريكي برفع الرسوم على الواردات الصينية بنسبة 125٪، مما يجعل الصراع الحالي “صيني أمريكي بامتياز”.

الصراع سيتوسّع ليشمل تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، ويؤثر على صادرات الصين في هذه المجالات، كما سيمتد ليشمل سلاسل التوريد الخاصة التي تسيطر عليها الصين، مما يدفع أمريكا لنقل مصانعها إلى دول مثل فيتنام وأوكرانيا والمكسيك.

أمريكا اليوم تسعى لبناء شبكة تحالفات جديدة، حيث وجدت في أوراسيا مفتاحًا للأمن المستقبلي، خصوصًا مع أزمات أوروبا وتراجع دورها الجيوسياسي. أوراسيا تُمثل ما يصل إلى 60٪ من الإنتاج العالمي، وتضم خمس دول نووية، وهي المسرح الأهم للصراع القادم.

الصراع الصيني الأمريكي قد يؤدي إلى “فصل اقتصادي”، مما سيُفكك سلاسل الإمداد العالمية، وسيُؤثر على الدول التي تعتمد على التصنيع الصيني، كالهند، فيتنام، باكستان، والمكسيك.

الصراع سيعيد العالم إلى أجواء الحرب الباردة، ويتسبب في تضييق على شركات مثل TikTok وHuawei، ويدفع الصين لتوسيع استخدام عملتها الرقمية “اليوان الرقمي”، متجاوزة نظام SWIFT الدولي، وهو ما يهدد هيمنة الدولار عالميًا.

في المقابل، إذا خسرت الصين الحرب اقتصاديًا مع أمريكا، فستكون ضربة موجعة لها داخليًا وخارجيًا، وستُؤثر على نموها التكنولوجي وعلى ثقة العالم بها، مما قد يدفعها للانغلاق أو لتصدير الأزمة لدولة مثل فيتنام.

إن اندلاع حرب عالمية ثالثة سيكون مختلفًا عن أي حرب سابقة، وعلينا أن نأمل بتدخلات تفاوضية أو تهدئة مؤقتة لحماية النظام الاقتصادي العالمي من الانهيار.

أما الأردن، الذي واجه أزمة تكنولوجية نتيجة للظروف الجيوسياسية، فإن هذه الحرب ستضعه أمام تحديات كبيرة في دعم قطاعاته التقنية والناشئة، وقد تُفاقم من أزماته الاقتصادية، خصوصًا في ظل الحرب في غزة، والأحداث في الصين وسوريا.

لذا فإن المرحلة تتطلب من الأردنيين جميعًا تغليب المصلحة الوطنية، وتفويض القيادة الهاشمية الحكيمة للتعامل مع هذه التحولات الجيوسياسية والاقتصادية.

رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=41761

ذات صلة

spot_img