مجلة عرب أستراليا- سيدني-لم يعد خافيا على احد بان لبنان أصبح في قلب الانهيار الذي ينذر بانتهاء الدولة واعلانها من الدول الفاشلة بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية نتيجة الطبقة الحاكمة التي تفشل يوميا بإدارة البلد ، والذهاب نحو المحاصصة المذهبية المفروضة وفقا للديمقراطية التوافقية والتي يستفيد منها طبقة صغيرة تغنى بطريقة غير صحية، ويزيد حالة الناس فقرا ، وتعاسة .
من ناحية وتبقى سيطرة وباء الكورونا ،وعدم القدرة على الحد من انتشارها نتيجة التخبط السياسي والفشل المؤسساتي ينذر بحالة صحية غير سليمة بانتهاء فصل الصيف وبداية الخريف الذي يحذر منها الاطباء والمراكز البحثية بان لبنان سيكون على خطى ايطاليا من ناحية اخرى ، وما ادراك ما ايطاليا ما تأثيرها على هذا المجتمع المقفل المشرذم الذي بات يتنظر الكهرباء والمازوت بالقطارة.
لم تكن جولة وزير خارجية فرنسا الى لبنان الذي اعلن :”بان عدم تحقيق بيروت أي تقدم في عملية الإصلاح التي اعتبرت شرطا لأي مساعدات مالية أجنبية، وعلى السلطات اللبنانية أن تستعيد زمام الأمور، نحن حقا مستعدّون لمساعدتكم، لكن ساعدونا على مساعدتكم”.
فالزيارة لم تكن سوى رسالة انذار للحكومة اللبنانية التي تتخاطب وتهرول في مكانها منتظرة الاعانة من الغرب دون تقديم اي اصلاحات جديدة وفعلية تبشر بانتهاج سياسة جديدة تستطيع اختراق جدار الصمت المسيطر على العالم نحو هذه الحكومة التي تشكلت من لون واحد ، كحكومة مستشارين ومدراء مكاتب لا تفقه بإيجاد اي حلول فعلية لها .
ان عدم قدرة رئيس الحكومة على الفصل بين حقد شخصي على لودريان الذي إتهم الحكومة بالإنجازات الوهمية وبين مصلحة لبنان الذي حطم رئيس حكومته الجسر الفرنسي الذي يشكل صلة الوصل الأخيرة مع الغرب .
لكن الاهم بان الاساءة التي كانت لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بأن “زيارته لم تحمل جديدا، وأن لديه نقصا في المعلومات عن حجم الاصلاحات التي قامت بها حكومته، في موقف مناقض تماما لموقف رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تحدث عن زيارة لودريانبايجابية، ما يدل على حجم التناقض بين الرئاستين.ناهيك عن ما نقل عن رئيس الحكومة بخصوص السفيرة الامريكية .
وامام هذه الاحوال التي تعيشها الدولة اللبنانية من انهيار تدريجي على كافة المستويات الاجتماعية والمعيشية لا تزال الحكومة تتخاطب مع نفسها ولا تجد الحلول لأنها لا تعرف ماذا تقدم وماذا مسموح لها ان تقدم تسير كأنها تقاتل طواحين الهواء كما حال “سرفنتس” ، فيخرج رئس الحكومة معلنا بانه يعاني من مؤامرة وهناك انجازات كثيره قدمها للشعب اللبناني ولا احد يريد الاطلاع عليها .
لم يعد واضحا السلوك التي تنهجه هذه الحكومة وما هي الصلاحيات التي يمكنها استخدامها في ممارستها للحكم والتعاطي مع الامور الحياتية اليومية التي تفرضها واجبات الحياة الفعلية لأي مواطن في دولة بغض النظر عن نوعية هذه الدولة .
لقد فشلت الحكومة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي اعاب عليها عدم دقتها في تقديم الارقام المالية التي باتت تشكل للجميع عدم معرفة بالحقائق وتغييب كامل عن المشهد الاقتصادي الذي يعيش فيه لبنان .
لم تستطيع الاتفاق على شركة للتدقيق المالي التي باتت تدخل في امور غير منطقية وغير دقيقة لكونها تتهرب من التدقيق المالي التي باتت جهات واضحة معنية في الهدر نتيجة خوفها الفعلي من التوصل الى معلومات تدين هذه الجهات مما دفعها بالتصريح العلني بان هذه الشركة لها ارتباط مباشر بالعدو الصهيوني وهي ستودي الى تهريب معلومات للعدو وستساهم بحرب اهلية .
اخفاق الحكومة في ضبط البنزين والمازوت التي ساهمت به الاسواق السوداء المحمية الى فقدانه من الاسواق الرسمية وبيعه في الاسواق اللبنانية بأسعار التهريب وكذلك تهريبه الى سورية دون مراقبة ومحاسبة مما بات يسبب ازمة فعلية في الحصول على البنزين والمازوت لتشغيل قطاع النقل والقطاعات الاخرى .
وبالتالي بظل ازمة الكهرباء واخفاق وزراء الطاقة المتعاقبون عليها في حل مشكلة الكهرباء الذي وعد بها المواطن اللبناني 24 على 24 ، بات ينتظرها واحد من اربع وعشرين فكان الاتكال على المولدات البديلة التي باتت تتهدد هي ايضا بعدم قدرتها على تامين الكهرباء الاصطناعية لغياب المازوت الذي لم يعد يصرف لها ويصعد وزير الطاقة في استضافته في برنامج مارسيل غانم ليقول بان هناك ازمة مازوت فمن عليه ان يلاحق هذه المشكلة فهل تبخر المازوت كالغيوم في فصل الصيف لينذرنا بشتاء قاتم .
اقرار الدولة بسعر الصرف في الاسواق السوداء بانه سعر رسمي وهذا ما صرح به احد الوزراء في برنامج مارسيل غانم بان مخصصه الذي يبلغ عشرة ملايين ليرة لبنانية بانه اصبح الف دولار وهذا اقرار رسمي بهذا السعر والتكيف معه .
اذن لم تنجح الدولة بحل مشكلة تفشي الكورونا التي تشكل نقطة سوداء في التعامل مع هذا الملف بالوقت التي كانت تتباهى به بانها من الدول التي تستطيع تصدير تجربتها بمحاربة الوباء الى الخارج ،فعملية تسكير الحدود مع سورية والوافدين ايضا من افريقيا ، وعدم تجهيز مستشفيات ميدانية للحجر هما السبب الذي سيدفع لبنان وشعبه الثمن الغالي لعدم التفكير بحل هذه المشكلة التي تخدم اهداف محددة من خلال ابقاء الحدود مفتوحة ودون رقابة وكذلك الحجة الوهمية بان المطار هو المنفذ الوحيد للعملة الصعبة التي تحتاجها الدولة.
فاذا كان الحديث عن الكورونا بهذا التشاؤم الفعلي لأنه ناتج عن غياب الادارة الفعلية للعملية الصحية بظل انهيار كامل في القطاع الصحي وغياب الدواء الفعال بظل انتشار الدواء الايراني الغير مستوفي للشروط العالمية.
اما القطاع الاقتصادي حدث ولا حرج غياب الرقابة من قبل القطاعات المعنية في مراقبة الاسعار نتيجة تضخم الاسعار اليومية واختلاط المدعوم بالأسعار الحرة مما يدفع الوزير السابق وئام وهاب بإدلائه بتصريح اثناء مقابلته على تلفزيون الجديد مضحك لجهة وزير الاقتصاد بانه يشفق عليه وهذه ليست شغلته وبطريقة تهكمية على ادائه الغير واضح في هذه الوزارة .
طبعا يضاف الى ذلك ملف الفضائح في الكهرباء والسدود ولفلفت موضوع الفيول والمغشوش والدجاج المضروب و الكثير من الامور التي لم تكشف بعد . بظل ذلك يظهر تخابط فريق الحكومة والموالي لها حيثي اظهرت عمق الخلفات الداخلية فيما بينهما ولعل مقابلة الوزير وائم الوهاب على تلفزيون الجديد وسجاله العلني ضد الوزير محمد فهمي يكشف الهوة بين الفريق الواحد.
ولكن الاخطر في الامر هو المؤامرة على لبنان من قبل الطبقة الحاكمة التي قالت انتفاضة 17 تشرين كلن يعني كلن من خلال التوافق على الاستمرار بممارسة الفساد المجتمعي على حساب لبنان وشعبه حاليا التوافق على مؤامرة سد بسري وغض النظر عن تنفيذ سياسة حزب السدود الفاشلة التي تؤدي الى سرقة البلد والوقوف امام الشعب واستخدام القوى الامنية بوجه الناس بالوقت التي تشكل هذه القوى صمام الدفاع عن الناس لانها من الناس لكن النظام السياسي اللبناني يدفع بالجميع نحو الهاوية من اجل المصالح الخاصة والضيقة وعدم النظر لما يحدث للبلد .
لكن لا بد من الوقوف امام كل هذه التطورات التي تشير الى ان الطبقة السياسية تدفع بتغريب لبنان ودفعه نحو الهاوية من خلال توجهين الاول هو الذي يمارس سياسة الفساد واستغلال وجوده في التركيبة الطائفية من اجل تامين مغانم وحصص مالية خاصة له ، والطرف التاني يدفع لبنان بالوقوع تحت المظلة الايرانية التي تحاول بسط سيطرتها على لبنان واستخدامه ضمن مصالحها الخاصة والقومية ووضعه تحت اجندتها الخاصة في عملية تفاوض كامل في المنطقة ، ومن هنا بتنا نرى التصعيد الاخير على الجبهة الجنوبية للبنان في محاولة لربط النزاع بما تعيشه المنطقة من ازمة وخاصة بظل الحصار المشدد على ايران علها تفتح فجوة في الجدار المغلق من البوابة اللبنانية لتريح الجبهات الاخرى .
لكن يبقى الامل الفعلي على النداء الذي اطلقه البطريرك الراعي في حياد لبنان وليس تحييده من اجل فتح الافاق مع المحيط وفتح تغرة في العلاقات المقفلة مع الجوار والذي يدفع ثمنها المواطن اللبناني ويهدد عيشه بكرامة.
وكذلك الامل على مؤسسة الجيش والمؤسسات الامنية التي يجب ان تحمي لبنان والشعب اللبناني لأنها الامل وان لاتسمح للطبقة الفاسدة باستخدامها ضد نفسها.
وايضا يبقى امل المواطن اللبناني بإنتاج سياسة اقتصادية تعيد له حقوقه وامواله المسروقة وتفك اسر الاموال في البنوك وان ينتهج خطة جديدة تحمي المواطن اللبناني وانعاش الاقتصاد وان لا يسمح لتفكيك النظام المصرفي اللبناني من اتباع النظام الفاسد .
فهذه الشروط مرهونة بالأساس بوعي الناس واعادة انتفاضتهم التي تحمي لبنان وشعبه ومؤسساته بسبب الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه لبنان من خلال التأكيد على النهج السلمي ، لان الانتفاضة هي السد المنيع بوجه سياسة الفاسدين والحامية للبنان .
لذلك مطلوب اعادة تفعيل الانتفاضة من خلال ثوار يقودون الثورة السلمية وليس ثوار يوحدون المجموعات فالثورة مطلوب تنظيمها سلميا من جديد لكي تقف بوجه مشاريع انهاء لبنان .
رابط مختصر…https://arabsaustralia.com/?p=10209
خالد ممدوح العزي
صحافي وكاتب لبناني.