spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

الدكتور طلال أبوغزاله ـ فلسطين: محور العدالة العالمية وقضية الشعوب الحرة

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الدكتور طلال أبوغزاله تبرز قضيتنا الفلسطينية...

هاني الترك OAM ــ الشيك الذي أرسله تشارلز ديكنز

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM   كان...

د. زياد علوش ـ ملكة جمال لبنان”ندى كوسا” للشباب والصبايا لدينا القوة لتحقيق التغيير

مجلة عرب أسترالياـ أجرى الحوار الدكتور زياد علوش جمال كلما...

الإيجابية الواقعية… كيف نتقبلُ عواطفنا بحبّ ومن دون نكران؟

مجلة عرب أسترالياـ الإيجابية الواقعية… كيف نتقبلُ عواطفنا بحبّ ومن دون نكران؟

بقلم الكاتبة فرح نصور

الأرجح أن اتّخاذ نظرة إيجابية للحياة أمر جيد للحفاظ على حُسنْ الصحة العقلية. لكن، المشكلة أن الحياة نفسها ليست إيجابية دائماً.

ولقد كثُر الحديث عن الإيجابية ووجوب التحلّي بها لعيش حياة أفضل يملؤها التفاؤل والقوة. فرض هذا الاتجاه نفسه مع سرعة الحياة وكثرة المسؤوليات وزحمة المهام اليومية، مع ما يصحبها من ضغوط نفسية وتوتر يؤثر على صحة الناس الذهنية.
مع هذا الواقع، علت الدعوات إلى التحلي بالإيجابية والنظر إلى الجانب المشرق من أيّ ظرف سيئ أو مشكلة أو حالة نفسية صعبة. يصح ذلك بشكل خاص في إطار علم النفس الإيجابي Positive Psychology الذي يركز على نقاط القوة والسلوكيات الشخصية التي تتيح للأفراد بناء حياة ذات معنى وهدف وبلوغ الرضى والرفاهية في الحياة. في المقابل، إن هذه الدعوات، وبالرغم من نيتها الحسنة، ولّدت نقيضاً جعل من فائض الإيجابية هذا، سلبياً. ويشار إلى ذلك بتسمية “الإيجابية السامة” أو Toxic positivity. وبات السؤال المفصلي: “متى تتحوّل الإيجابية إلى سلبية”.

ماذا يعني إنكار التجارب الصعبة؟

هو نمط من السلوك يقتصر على تجنب أو قمع أو رفض المشاعر أو التجارب السلبية، وإنكار هذه المشاعر والإصرار على التفكير الإيجابي بدلاً من ذلك. وفي ذلك الإطار، يعتقد الفرد بأنّه يجب أن يحافظ على عقلية إيجابية بغضّ النظر عن مدى صعوبة الموقف. وفيما هناك فوائد للتفاؤل والتفكير الإيجابي، فإنّ الإيجابية السامة ترفض جميع المشاعر الصعبة لمصلحة إبراز واجهة مبهجة وإيجابية كاذبة في كثير من الأحيان.

متى تتحوّل الإيجابية إلى سلبية؟

الدكتور ماريو عبود، معالج نفسي ومستشار لدى الهيئة الطبية الدولية ومنظمة “أطباء بلا حدود”

من المهم معرفة كيفية التعامل مع الضغوط التي نعيشها في أيامنا هذه، بحيث تغيب الحلول ما يولّد التراكمات. ويُنظر إلى اتجاه التفكير الإيجابي Positive thinking، رغم أنّه شيء جيد، باعتباره النقيض للاكتئاب والشعور بالسلبية. لكن، تمنّي أن تكون الأمور إيجابية لن يجعلها تحدث، ما يُدخل الفرد في الإحباط لأنّ ما توقّعه لم يحدث، ويشعر بالانتكاسة ويجعل الأمور أكثر سلبية بنظر الفرد. لذا، المهم هنا أن يتحلّى الفرد بإيجابية واقعية.

صحيح أنّه عندما يضحك الفرد يتلقى الأمور بطريقة أكثر إيجابية، لكن لا ينبغي التحلّي بالإيجابية المتطرفة، والأمر بحاجة إلى بناء عقلية واعية في هذا الإطار، وليس بهذه السهولة، بحسب ما يعتقد البعض. ويجب النظر إلى الأمور بواقعية، لا بسلبية أو إيجابية، مع الميل إلى نوع من الإيجابية لكسر دوّامة السلبية التي يمكن أن يخلقها الاكتئاب أو القلق.

ما الحدّ الفاصل بين الإيجابية السامة والتفاؤل؟

تكمن الإيجابية في نظرة الإنسان إلى الحلول، بينما السلبية تغيّب الحلول. يجب النظر إلى الأمور بإيجابية لكن بواقعية، يمكن إيجاد الحلول حينها، وبعد إيجادها يجب تنفيذها وترجمتها والعمل عليها، يتوجب عيش تلك الإيجابية لتصبح واقعاً ملموساً وإلا فستظل أحلاماً وحبراً على ورق، لا بل ستصبح طريقاً للهروب من الواقع.

أيضاً، كبت المشاعر السلبية، أمر مؤذٍ للصحّة النفسية. ومن المهم جداً معالجة المشكلة. ونحن في عصر نبحث فيه عن الحلول السريعة ونسمع بالدعوات إلى التحلّي بالإيجابية والقوة، لكن لكل فرد تجارب تختلف من شخص إلى آخر. كذلك قدرة البعض على التعامل مع المواقف الصعبة والمشاعر السلبية وتحمّلها، تختلف من شخص إلى آخر. لذلك، كل شخص يجب أن يعمل على نفسه ليفهم مشاكله ويصل إلى التغيير والوعي، والإيجابية المطلقة أمر صعب تطبيقه.

وفيما برز أشخاص “مدرّبو حياة”، يعظون الناس في هذا الاتجاه، يمكن الإصغاء إليهم لكن ليس بالكامل، بل أخذ المعلومة بحرص وبواقعية في الكلام. ففي بعض الأحيان، يمكن أن تتفاقم حالة الشخص إذا عقد الأمل على تحوّل وضعه إلى إيجابي ولن يحصل ذلك، ما سيُدخله في دوامة الشعور بالفشل والخذلان وبأن هؤلاء المدرّبين لم يساعدوه، وقد يقع في فخ إسقاط تجربة الآخر عليه.

بالتالي، فيما تشكل الإيجابية السامة شكلاً من أشكال الهروب يخلقها الإنسان لنفسه، فهو يحمل تأثيرات على الصحة الذهنية، مثل الشعور بالفشل، الاكتئاب، وعدم التصالح مع الذات وغياب الشعور بالواقع الحقيقي.

الطريقة المثلى للتعامل مع الضغوط هي الإيجابية الواقعية وإعطاء كل مشكلة أو موقف ما يلزمه من إيجابية مع إطلاق العنان للمشاعر السلبية عندما يستدعي الأمر.

 كيف تتدرب على الإيجابية الواقعية؟

– خصّص وقتاً للتأمل الذاتي، واكتب التوقعات التي تستنزفك عاطفياً والمشاعر المعقدة التي تجنّبت معالجتها بالكامل، والنصيحة التي تقدّمها لمَن يقع في هذه المشكلة.

– ضع حدوداً صحيّة لما أو لمن يثير السلبية في محيطك، سواء أكان زميل عمل شديد الانتقاد، أو مقارنة مثيرة للسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي.

– تحدّث إلى أصدقاء لا يُكثرون من إصدار الأحكام على الآخرين، لأن تعاطفهم يخفف العبء عليك.

– محاربة الرسائل التي تقول إن قيمتك الوحيدة تكمن في كونك سعيداً طوال الوقت.

– حينما يقول لك شخص ما “فكر بإيجابية!” في المرة المقبلة التي تشعر فيها بالحزن، فليكن شعارك: “عواطفي لا تحدد قيمتي، لكنني أقبل ذاتي بالكامل بحب!”.

المصدر: النهار العربي

رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=39357

ذات صلة

spot_img