مجلة عرب أستراليا
الأردن وفلسطين العمق الاستراتيجي والبعد الانساني
بقلم الإعلامية إيمان اللبدي 

تعتبر القضية الفلسطينية بكافة مكوناتها هي جوهر الصراع في المنطقة، وتعد القدس إحدى الركائز الأساسية المكونة للقضية الفلسطينية وللصراع العربي الإسرائيلي لا بل هي لب القضية الفلسطينية، وفيها تتجلى أبعاد وطنية وقومية ودينية، وفي ظل السعي لإيجاد تسوية سلمية عادلة لهذا الصراع الممتد منذ عقود فقد تركز الخطاب السياسي الأردني والعربي والإسلامي، على ضرورة أن تفضي أية عملية سياسية إلى إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس، والإعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه ووطنه ، وغير ذلك فإن الأمن والسلم الإقليمي والدولي سيكونان معرضان لمزيد من المخاطر والتحديات، وفيما يتعلق بالقدس فهي القضية الأساسية في الصراع العربي الإسرائيلي التي تحمل في طياتها إمكانية تدويل الصراع وبالتالي خروجه عن دائرة السيطرة والتحكم فيه لما لهذه المدينة المقدسة من أبعاد قومية عربية ودينية إسلامية ومسيحية.
الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية يرتكز على مجموعة من الثوابت: اولا: ان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكاملة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية يمثل مصلحة عليا للدولة الاردنية، مثلما ان احلال السلام الشامل والعادل والدائم يشكل خيارا استراتيجيا للعرب وللاردن ولذلك فاننا نساند الجهود الجادة التي تسعى ا لانجاز حل الدولتين خلال مدة زمنية محددة وبآليات واضحة.
ثانيا: ان اي حل نهائي يجب ان يعالج القضايا الجوهرية كافة وفقا للشرعية الدولية ولمرجعيات عملية السلام المعتمدة وخصوصا مبادرة السلام العربية بعناصرها كافة.
ثالثا: ان كل القضايا الجوهرية وهي قضايا اللاجئين والقدس والامن والحدود والمستوطنات والمياه هي قضايا لها مساس مباشر بمصالح حيوية عليا للدولة الاردنية وان حلها يجب ان يراعي بالكامل هذه المصالح العليا الاردنية وان يلبيها ويتفق معها ويحققها.
رابعا: ان الاردن لن يقبل بأية ترتيبات او أطر لا تصون وتلبي بشكل كامل مصالحه العليا المتعلقة بالقضايا الجوهرية كلها وخصوصا قضايا القدس واللاجئين والامن او اية ترتيبات تمس أمنه أو أمن أبنائه وبناته او سلامة اراضيه أو تؤثر عليها بأي شكل من الأشكال من قريب او بعيد او اي تصور ينتقص من خلال اقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
خامسا: ان الاردن لن يقبل المساس بحقوق مواطنيه من اللاجئين الفلسطينيين بأي صورة كانت وخاصة حق العودة والتعويض وفق قرارات الامم المتحدة وسيقوم بتنفيذ مسؤولياته في استحصال هذه الحقوق وحمايتها مثلما ان الاردن له حقوق واستحقاقات لكونه الدولة المضيفة الأكبر للاجئين الفلسطينيين يجب ان تؤدى اليه.
سادسا: ان موقف الاردن الثابت هو ان القدس الشرقية هي ارض محتلة يجب ان تكون عاصمة الدولة الفلسطينية ولذلك فلن يقبل بأية صيغة او صيغ تؤدي الى تغيير وضع القدس الشرقية كمدينة محتلة ينبغي إنهاء الاحتلال الاسرائيلي لها اسوة بكل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
اما بالنسبة للمقدسات الاسلامية والمسيحية ومن منطلق الرعاية والولاية الهاشمية التي يضطلع بها ويتولاها جلالة الملك، فسيواصل الأردن هذا الواجب بالرعاية والحماية والصيانة والتصدي لكل الانتهاكات التي تستهدف القدس الشرقية ومقدساتها واهلها. ومنذ بداية الحرب على غزة، كان الموقف الأردني يتبع سياسة التصعيد المتدرّج تجاه الممارسات الإسرائيلية؛ فقد كان واضحًا للأردن أن إسرائيل تريد أن تستغل ما حصل يوم السابع من أكتوبر لتحقيق أهداف سياسية كبرى، وتحقيق منعطف ومرحلة جديدة من مراحل تصفية القضية الفلسطينية.
الملك عبدالله الثاني كان يعي خطاب اليمين الإسرائيلي، وما يريده من تلك الحرب؛ لذلك أعلن أنّ أيَّ حلّ لا يردّ الحقوق الفلسطينية إلى أهلها سيكون مصيره الفشل، والمزيد من العنف والدمار، كما أكد رفضه أي خطة تتعلق بتهجير الفلسطينيين، أو إعادة احتلال إسرائيل لغزة، وحذر من انفجار الأوضاع مجددًا في الضفّة الغربية، واتساع رقعة الصراع؛ إذا ما استمرت اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية على أبناء الشعب الفلسطيني.
ويُدرك الأردن أنَّ أبرز تحديات إسرائيل، هي المشكلة الديمغرافية الفلسطينية، إذ يقيم في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 ما يقارب 1.7 مليون عربي يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويقيم في الضفة الغربية 3.27 ملايين فلسطيني، ويقيم في غزة 2.23 مليون فلسطيني؛ لذلك عمدت إسرائيل إلى سَن قانون يهودية الدولة الإسرائيلية؛ الذي تم إقراره في شهر يوليو من عام 2018، وهو قانون يُهدِّد وجود المكون العربي في إسرائيل، ويضاعف من معاناتهم كمواطنين من الدرجة الثانية، فيما يقرؤُه البعض كخطوة أولى وصريحة لتهجير المكون العربي من الداخل الإسرائيلي.
رابط النشر-https://arabsaustralia.com/?p=34405