مجلة عرب أستراليا
بقلم: أ.د. عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
نائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي
عضو الهيئة الإدارية بمجلة عرب أستراليا
في الآونة الأخيرة، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للتفاخر والاستعراض. السيدة “سنيه ولعه” أقامت حفل عشاء فاخر بمناسبة عيد زواجها العشرين في منتزه “الجاموس الأزعر”، بحضور سيدات المجتمع المخملي مثل “ألفت طحبشها”، وتخلل الحفل فقرات غنائية للفنان “أيمن شعللها”. هذا الخبر، مع غيره من الأخبار المشابهة، انتشر سريعًا عبر مواقع التواصل، كما فعل المغني الشعبي “علي مطوه” الذي غيّر لون سيارته الفاخرة، أو لاعب “جنيه مدريد” الذي اشترى يختًا بقيمة 250 مليون دولار.
تتكرر هذه المشاهد يوميًا على شاشات هواتف الناس، بجميع اللغات، عبر منصات مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام، حيث تحولت هذه المواقع إلى وسائل للتباهي، وبث الحسد والغيرة. تُعلم هذه المنصات الناس أساليب الكسب السريع وغير المشروع، وتحث على إهدار الأموال بطرق غير لائقة. وبدلاً من تعزيز التواصل، أصبحت تلك المواقع وسيلة للتباعد الاجتماعي ونشر الضغينة والتضليل.
الاختلاف بين الناس حتى في الأمور التافهة، كتصميم ملابس السيدة “ولعه”، أصبح يعتمد على مصادر معلومات غير موثوقة تُنشر عبر قنوات مشكوك فيها، مما يعمق الفجوة بين أفراد المجتمع.
ورغم أن التكنولوجيا في حد ذاتها تقدم قيمة عالية، إلا أن النوايا السيئة لبعض مصنعي التطبيقات والمستخدمين أدت إلى استغلال البيانات الشخصية لأغراض غير أخلاقية. فالمعلومات الشخصية التي نعتقد أننا حذفناها تبقى مخزنة في قواعد بيانات، قد تُباع لدول لأغراض تنافسية أو تجسسية.
منذ جائحة كوفيد-19، بدأ العديد من الناس الابتعاد عن التواصل الشخصي، مفضلين العزلة والاعتماد على هواتفهم المحمولة، حيث أصبحت الإشارات الرمزية كالإعجابات والإيموجي هي الوسيلة الرئيسية للتواصل، خالية من الروح أو المشاعر الحقيقية.
في النهاية، سيأتي الهاتف المحمول معنا يوم القيامة ليشهد على أعمالنا، سواء كانت صغيرة أو كبيرة. سيكون أداة الإدانة حين نُحاسَب على إهمالنا لأهلنا وأقاربنا، وانشغالنا بالتفاخر وتتبع عورات الآخرين. وفي ذلك اليوم، لن ينفعنا “جوجل” أو غيره، والله المستعان.
رابط مختصر .. https://arabsaustralia.com/?p=39764