مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د. عماد وليد شبلاق ـ رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا، ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي وعضو الهيئة الاستشارية بمجلة عرب أستراليا
مفارقة/مغادرة هذه الدنيا (الأرضية) ما زالت للبعض (ومن جميع الديانات واللاديانات) سرًّا أو لغزًا قديم التداول والنقاش، وحتى يومنا هذا ما زال يتساءل البعض منا ومنهم: لماذا خُلقنا؟ وأين ومتى سنعود أو نختفي أو… وأو! فإن كان البعض يعتقد بأنه قد وُلد صدفة أو عن طريق (الأم الطبيعة – Mother nature) وهي التي منحتهم القوة والشباب والغذاء والتمكين والتحفيز والمعيشة، فمؤكد أو ربما يجزم بأنه سيختفي أو ينتهي كما وُجد في أحضان الطبيعة كما هو في بداية الأمر!
أما النوع الآخر من البشر، ومن أصحاب الديانات السماوية، فيعلمون علم اليقين (الوضوح والتأكد) بأن هنالك بداية ونهاية لهذا الكون ومن ثم الخلق، ومؤكد أن وراء ذلك خالقًا أو صاحبًا أو مالكًا (وله العديد من الأسماء – سبحانه). وأما عن سؤالهم لماذا خُلقنا وكيف سنعود ومتى، فهذه هي الحقيقة الصعبة! وقد عرف الناس منهم أن كلمة (الموت – Death) قد ذُكرت في الكتب السماوية ذات المصدر الإلهي الواحد والأوحد، بأن كلمة (الموت) لا تعني الفناء أو الدمار والاندثار، ولسبب واحد بسيط، وهو أن النفس ليست جسدًا بشريًا دنيويًا (مكوَّنًا من طين وعظام ولحم وماء – يسهل التخلص منه بالدفن أو الحرق) فقط، إنما هي في الأساس روح إلهية (أو طاقة سماوية ربانية، أو سمِّها كما تشاء وحسب معتقدك الديني).
وسواء كنت من الذين يؤمنون بقصة الخلق أو لا، وهذا شأنك، ففي دول العالم الآخر يؤمن بها البعض والكثير معترف بها وبصحتها، ومن هنا كانت الرؤية السليمة واليقين الواضح بأن الخلق جميعًا، وبما فيهم أنا وأنت وعمي وعمك وخالي وخالك، سيعودون لخالقهم (في الوقت المحدد والمعلوم) والذي سبحانه وتعالى منحهم الروح الطيبة، والتي ستتكيف بلباسها وهيئتها سواء عند بدايتها في الجنة وعن طريق النبي آدم وزوجته حواء عليهما أفضل السلام، أو عند هبوطه إلى الأرض (هيئته بالجسد البشري المعروف والمكوَّن من لحم وعظام وماء – كما هو شكلنا اليوم). ولكن مؤكد هي نزهة أرض – سماوية مؤقتة أراد الخالق أو المالك اختبار خلقه من عباده ليهيئ لهم المكان المستحق لهم بعد العودة إليه مرة أخرى في السماوات العُلا، وكلٌّ حسب عمله (في امتحان الدنيا)، وبالتالي حُجزت له مكانته في الجنة أو النار.
فكرة اليوم أن الكثير من بني البشر بدأ يراهن على ديمومة أو استدامة هذه الحياة الدنيوية بعد أن تمت زخرفتها وازدهارها، وأنه لن يموت أو سيعيش أبد الدهر، فالمال أصبح متوفرًا للكثير (حلالًا وحرامًا)، والنساء أصبحن أكثر من الرجال في بعض المجتمعات، وبائعات الهوى أصبحن يجذبن الرجال في الطرقات، وأُحلَّت جميع الخمور والمخدرات وغيرها من الملذات والشهوات، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، حتى كاد البعض يعربد ويتصرف بلا وعي كالأنعام في الأماكن العامة وعلى مرأى من الخلق، وربما أزال البعض من فكره أو عقله فكرة الرجوع لصاحب / مالك هذه الروح والنفس، ونسِي ما ينتظره من حساب ومسائلة بعد العودة إليه. فالنزهة الأرض – سماوية المؤقتة هذه لم تكن للتلذذ بالشهوات والمحرمات وظلم العباد والتمتع بقتلهم وإبادتهم وتجويعهم، وقد استثمر فيهم الرب وتحدى الملائكة والشياطين (لخلافة الأرض) وتعميرها وعبادته وإقامة العدل والأمان بين العباد. وأخيرًا، لك الخيار، وسيكون الملتقى هناك حيث ستُعلن نتائج امتحان (البشرية) العامة، والله المستعان.
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=44651



