مجلة عرب أستراليا سيدني
كَيفَ تَكسَبُ مَزيداً مِنَ الأَعداء في أُسترَاليَا؟ بقلم: أ.د. عماد وليد شبلاق
رئيس الجَمعية الأمريكية لِمُهندِسي القَيمية في أستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
للأسف…
انعدمتْ العلاقات الحَميميَّة الطَّبيعية أيِّ: (اللاجنسية) بين الزُّملاء، والأصدقاء حتى الأقرباء في أستراليا بالوقت الحاضر؛ بحجة الانشغال في العمل، والسَّعي الدَّؤوب وراء الرِّزق، وضمان المستقبل إذ سيطرَ الكذب، والنِّفاق– وهما الثّنائي الخَطِر- على أكثر الفئات مُعاملةً بَعضهم بِبَعض ومع الجهات الرسمية، والخاصة على حدٍّ سَواء.
هناك مُعْضِلَةٌ اجتماعيةٌ في بناء العلاقات في أستراليا؛ أنك تريدُ لك صديقا ًعزيزاً أو حميماً، فكلما حاولت أنْ تقترب مِن أحدهم تَجِده غير مُبالي بهذه النَّوعية من العلاقات، ورُبَّما سأل نفسه مراراً، وتِكراراً ماذا يريدُ مِني هذا؟ ويحضر مجاملةً؛ ليلتقي بك، ثمَّ لن تلتقي به لاحقاً، وقد أقفل هاتفه، ولم يعدْ يُبالي بالرَّد!
رُبَّما هذه أحدُ الخِصال السَّيئة التي اكتسبها بعضهم من المجتمع الجديد، ويا للأسف!.
عندما أقَمتُ في أستراليا عام 1994م، لم أمتلك أيّ فِكرة عَن تَوجهات، وأفكار الجاليات الأَثنية المُتباينة؛ فهناك المواقف السِّياسية، والدِّينية، والحَياتية، ومن ثمَّ كلٌ له رأيه الخاص في مناقشة الأمور، وحسب ما يراه مناسباً له، وما أحضر معه من بلده الأُمّ مِن تركاتٍ، ورواسب؛ فالأسترالي الأبيض من أصولٍ أوروبيةٍ تناقشه، وتختلف معه، ومن ثمَّ تحتسي معه القهوة أو الشَّاي، وقد تشتري له كأساً من العصير في أحد النَّوادي الاجتماعية.
أمَّا الصَّديق العربي الأسترالي ذا الرَّوابط المشتركة في اللُّغة، والدِّين، والعروبة_ على ما أظن _تجدُّه آخذاً منك موقفاً مُعادياً؛ نتيجة الاختلاف في وجهات النّظر أو على قضيةٍ ما بِعَينها في الوطن الأمّ (مُتأزمةً) لا شأنَ له بها مباشرةً، وقد تنشأ القطيعة بعد ذلك، فإذا ما صار نقاش بين أحدهم، والآخر على موضوعِ ” سَدِّ النَّهضة” في أثيوبيا –مثلاً- بين صديقين أو زميلين من المنطقة نفسها، لوجدت الجلسةَ انتهت، وذهب المتشاحنانُ الصَّديقان كلٌّ في طريقه، وكذلك الشَّيء بالنسبة لمناقشة تدني الأحوال المعيشية في لُبنان -مثلاً- وتفاقم الأسعار في الأردن، والاختلاف بين ” فتح ” و” حماس” في الشَّأن الفلسطيني أو ضِعف أداء جامعة الدُّول العربية في القاهرة، وغيرها من الأمور القديمة والحديثة التي ما زالت تسيطر على عقل المهاجر من أصولٍ عربيةٍ !
أمَّا إذا ما كان اتجاهك غرباً أو شمالاً؛ فقد تجد الخِلاف مازال قائمٌ، ومتأصلٌ بين الأصدقاء الأتراك، والأكراد، والأرمن أو بين الكلدان، والسِّريان، والآشورييِّن، فهنا تنجلي الحقائق، وتكشف عن مدى الحقد، والبغضاء بين الأصدقاء؛ نتيجة الجدال في أحد مواضيع النِّقاش التَّقليدية سابقاً.
في حال كَون النِّقاش، وإبداء الرَّأي دينياً أو عقائدياً، فغالباً ما يكون الأمر أشد ضراوةً، وأكثر عنفاً، كلٌّ مُتشَبِثٌ برأيه حتَّى النُّخاع قبل أنْ يتحول إلى صِراع، وعَداوة أو قطيعة، فمازِلتُ أتذكر الحادثة المشهورة في أمريكا حينما تحوَّل النِّقاش إلى صِراع، وتشابك بالأيدي قبل أنْ يُشارك رجل الشُّرطة لِفضِّ الشِّجار أو النِّزاع بين الصَّديقين الحميميِّن؛ (المسلِّم السُّني، والمسلِّم الشِّيعي)، وكان الخلافُ الأزلي على قِصة الإمام علي رضي الله عنه، والخليفة الأموي مُعاوية بن أبيِّ سُفيان أو ما تسمى ب (قصة علي، ومعاوية)، فما كان من قاضي المحكمة إلَّا أنْ يطلبَ إحضارَ كلاً منَ السَّيد علي، والأخ معاوية للمُثول أمامه غداً؛ للشهادة، وللتَّعرف على أقوالهم بما يخصُّ هذه القضية، وعندها أُسدِل السِّتار.
— واللَّه المُستعان—
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=20145