مجلة عرب أستراليا سيدني- كيف يقرأ الإنسان الأشياء ويحلِّل بمفهومه: مشكلة كبرى اليوم في عالم التواصل!
بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية في أستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي
أثبتت الأيام، والأحداث التاريخية،والمعاصرة بأنَّ اللُّغة العربية-فعلاً- لغةٌ ذو معاني رهيبة، وذات احتمالات شتى، الأمر الذي انعكس على قارئيها، ومستخدميها من العرب؛ فعملية الفهم، والتحليل مع التفسير، والتأويل، والتخيّل، والتوهم تحظى بِحيز واسع من تفكير الناس، ومن ثم قراراتهم بآخر الأمر، وبالرغم من وجود قواعد اللغة في التشكيل، والتنقيط، والحركات وغيرها إلا أنّ الإنسان العربي يفهم الأمور، ويحلّلها بإيحاء من تركيبته النفسية، والشخصية. فإذا ما كان المرء متديناً (ملتزماً أو ممارساً للشعائر الدينية وأين كانت ديانته أو طائفته، ومذهبه) فمؤكد سيرجع الأمور إلى مفاهيمه، ومعتقداته، وما تربى عليه من سلوكيات وأفكار وإذا ما كان متحرر فربما هو عكس ذلك وهكذا.
في إحدى مجموعات التواصل الاجتماعي أرسل أحدهم مقطع لفيديو شديد القوة،(لا أدري إذا ما كان حقيقي أم مفبرك لأغراض تجارية أو غيرها)؛ إذ يحتوي على مناظر مؤذية للبصر تعود إلى سيدة قيل أنها خادمة منزلية، وهي تعذب بطفل -تدعس برجليها على جسم الطفل/ طفلة-التي من المفترض أن ترعاه في المنزل أثناء غياب أهله! من ثم أحد المشاركين في المجموعة استنكر العمل المشين، ولم يوضح الأسباب، فجاوب الذي أرسل المقطع بأننا” بالغون وأكبر سناً، ولن تظهر علينا علامات الخوف أو التأثر”،(وهكذا كانت قراءته للمقطع وتحليله!). فرد عليه الآخر بقراءة، وتحليل مختلف للمقطع نفسه، وأخبره بأنّ الخادمة تلبس ملابس قصيرة، وغير محتشمة، وهذا يخالف الشرع، والدين في مسألة إظهار العورات ملحوظة: (لم يُظهر المقطع هويتها بالتأكيد!) …الزميلين أنهيا الحوار بِدورهم؛ خوفاً من استمرار الزعل، والقطيعة وقد أنهوا الخلاف، واختلاف الرأي، والمفهوم قبل أن يتطور إلى مستوى أعلى من الحِدة في التواصل!
مشهدٌ آخر في مواقع التواصل إذ يدل على الاختلاف نفسه في مفاهيم القراءة، والتفكير، والتحليل حيث أرسل لي بعضهم مقطع لأغنية تتغنى بها مطربة أجنبية عن فلسطين، فقامت الدنيا ولم تقعد؛ حيث بلغت الرسائل نصفها تحدثت عن تحرير فلسطين بأنها لن تحصل على الاستقلال بوساطة الأغاني في حين بعضهم الآخر أثنى على المطربة، ومدح أدائها سواءً أحصلت القضية على دعم القضية أم لا !.
هذه النوعية من الحوارات نلحظها كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، والنت حتى على مستوى الرسائل الشخصية (ماذا تقصد بذلك – هل الكلام موجه لي – وإياك أعني واسمعي يا جارة وهكذا…)، وقد قالت العرب قديماً:”المعنى في قلب الشاعر”. ولا أدري إذا ما كانت اللغات الأخرى غير العربية لديها المعنى نفسه أم لا!
للأسف الموضوع تداول بين الناس بكثرة في أيامنا، لاسيما في بعض المجتمعات التي تهتم بالتفاصيل، ودقائق الأمور (ولا فرق بين رجل، وامرأة في السياق نفسه) كمن ينظر إلى نصف كأس الماء،
فهل ننظر إلى الجزء المملوء بالماء أو الجزء الفارغ من الماء، والاثنين إجاباتهم صحيحة!
قِيل قديماً:” قراءة المشكلة، وتعريفها جيداً تؤدي إلى نصف الحل، والحلم سيد الأخلاق” بالإضافة إلى ضبط النفس، وإبداء حسن النية، والتخلي عن الظن السيئ لهو الحل الأمثل لراحة البال، وصفاء النفس.
تحابوا، ولا تتربصوا لأخطاء بعضكم بعضاً، فتخسروا أنفسكم فذلك يؤدي إلى مزيدمن العزلة، والفراق ومن ثم الخلاف، والقطيعة.
… والله المستعان…
رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=25327