مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق – رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي وعضو الهيئة الإدارية بمجلة عرب أستراليا
أمّة العرب اليوم، ولا أعرف تمامًا مدى حدودها أو تعدادها، وقد تُسمى اليوم أيضًا (جغرافيًا) بالشرق الأوسط، أصبحت حالة ميؤوس hopeless case منها، فمنذ نهاية الحرب العالمية الأولى في العام 1918 الميلادية وبعد هزيمة الخلافة العثمانية أو الدولة العثمانية فيما يسمى اليوم بالدولة التركية، وبريطانيا وفرنسا يتقاسمان كل شيء في تلك المنطقة (بعد ما سُمِّي بتقسيم أو معاهدة سايكس وبيكو)، وحتى يومنا هذا، وهذه هي سياسة المستعمر (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال وهولندا وغيرهم) باعتبار الملكية المطلقة لهم في تلك الدول الشرق أوسطية والتي يسكنها العديد من العرب بالإضافة للعرقيات والأجناس الأخرى ومن مختلف الديانات من اليهود والنصارى والمسلمين وآخرون.
ومنذ ذلك التاريخ وبريطانيا وفرنسا يتقاسمان ثروات ومقدّرات تلك الدول بالإضافة إلى دول أفريقية أخرى مجاورة (لا تتكلم العربية)، وكذلك هم من يتصرفون في أمورهم سياسيًا واقتصاديًا وحتى اجتماعيًا وسلوكيًا (اللغة والولاء وغيرها)، وهم أيضًا من يختار حكامهم ويتحكمون في قراراتهم المصيرية في السياسة الخارجية والداخلية وعلاقتهم بالدول الأخرى، وقد كانت خدعة الاستقلال ومناهضة الاحتلال والاستعمار للدول مسرحيات مبتذلة وسخيفة للضحك على الشعوب والاستخفاف بها!
ويبدو أن الهيمنة الأوروبية على دول الشرق الأوسط لم تكن كالسابق (وبالذات الإمبراطورية التي غابت عنها الشمس مؤخرًا) في مجدها وقوتها وتأثيرها السياسي والعسكري واللوجستي، إذ دخل عدد من اللاعبين الجدد للتنافس على ما تبقى في المنطقة من خيرات وثروات كالنفط والغاز والمعادن والاستثمارات النقدية، ومنهم الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي (روسيا)، والصين، والهند، وربما إيران وتركيا، فالكل له أطماع وغايات، وبأي من أشكالها، في تلك البقعة من العالم، وعمومًا من يكسب عسكريًا (أولًا) يكسب اقتصاديًا وسياسيًا لاحقًا، والمنطق هنا هو منطق القوة والنفوذ من خلال تواجد القواعد العسكرية والمخابراتية، وربما هناك المئات أو أكثر من القواعد الأمريكية في المنطقة الآن والقابلة للزيادة يوميًا، مقابل القواعد البريطانية والفرنسية والروسية، والكل له نصيب من الكعكة (أو الفريسة) إن صح التعبير.
ويظهر أن الشعوب العربية أو أمة العرب هذه قد استحسنت موضوع الاستعمار أو الاحتلال هذا مرة أخرى، ومن خلال الكيان التوسعي الجديد، والمعين من قبل أمريكا أولًا، ومن ثم الأوروبيون وبعضًا من دول العالم الحر والمتآمر ثانيًا!
هذا الكيان لم يعد يعمل كوكيل أو ممثل ونائب عن الدول العظمى لقمع الشعوب الرافضة له، وقد تم طرده من أوروبا نتيجة أعماله المشينة (كأفراد متنفذين اقتصاديًا)، والذي لم يكن ليكون إلا بمؤامرة كونية بدأتها المملكة المتحدة في العام 1917، وصادقت عليها باقي الدول الأممية، ومن معهم من الدول العربية الصديقة في هيئة الأمم المتحدة.
هذا الكيان لن يرضى بالمكافأة البسيطة نتيجة أعماله الاستيطانية، بل بدأت أطماعه التوسعية (وكما كانوا يخططون ويحلمون قديمًا) في المناداة بخريطة جديدة للشرق الأوسط، والتي رأيناها مؤخرًا في أروقة الأمم المتحدة، والتي أظهرت أجزاء كبيرة من الدول العربية (من النيل للفرات) المجاورة سيتم استقطاعها أو احتلالها، وكأنها مستعمر جديد إضافةً للمستعمرين السابقين/الحاليين، فأمة العرب هذه لديهم (وكما يصرحون ويدعون دائمًا) لا تعدو كونهم إلا دواب / حيوانات تستحق الركوب، ولا يستحقون العيش ولا الحياة، وغيرها من الألفاظ الاستعلائية العنصرية، وربما حان الوقت للانتقام بعد خروجهم من تلك الدول، بل والبعض ذهب إلى أبعد من ذلك وطالب بالتعويضات المالية والحقوقية نتيجة السنين الماضية، فتفكروا يا أولي الألباب وأبشروا، فالقادم لا يبشر بخير، والله المستعان!
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=42008