مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق – رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي وعضو الهيئة الإدارية بمجلة عرب أستراليا
تعجب كثيرًا هذه الأيام (الحالكات) من اللامألوف أو اللامعقول، وربما كان هولًا من أهوال آخر الزمان، والذي اقتحم علينا عنوة وبدون مقدمات، فربما أتت السنوات (الخداعات)، إذ يُصدَّق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة (الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)!
وتعقيبًا على مقالنا السابق عن التفاهة وتأصيلها في المجتمعات الشرقية والغربية على السواء، وربما من العلم ذكر ما قاله الفيلسوف المسلم (ابن رشد) والتي كانت نهايته قاسية، إذ طُرد من الأندلس أو مكان إقامته نتيجة عدم تقبل أفكاره الفلسفية في مجتمع قد يكون جاهلًا ومتخلفًا بمقاييس تحكيم العقل والحكمة والبرهان في ذلك الزمان.
وسائل التواصل الاجتماعي (عبر الجاسوس الأنيق – الهاتف الجوال أو المحمول المتصل مباشرة بالبيت الأسود [فوق البيت الأبيض مباشرة]) دخلت كل البيوت ونسخت كل الخصوصيات بالصوت والصورة، وشيطنت كل المجتمعات الغنية والفقيرة والمحافظة والتقليدية، وعصفت بالقيم والمبادئ والأخلاق من خلال بث الخلاعة والدعارة وكسب المال الحرام، وأخيرًا تحريف المعتقدات حتى وصلت للتعاليم الدينية، وربما قد صدق الفيلسوف (ابن رشد) آنذاك في قوله أو مقاله: “التجارة بالأديان هي تجارة رابحة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل”، وكذلك قوله: “إذا أردت أن تتحكم في جاهل، فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني”!
اليوم، بعضٌ من مشايخ (المتمشيخون من فئة الرويبضة هذه) من هذه الأمة (يهود ونصارى ومسلمون وبوذيون وربما غيرهم) قد ازدهرت تجارتهم وعظمت مكاسبهم ولمعت سمعتهم من الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، فإذا لديك لحية من النوع الطويل وربما مشوبة باللون الأحمر الحنّائي، وثوب قصير للركبة، وتحفظ بعضًا من القرآن أو الكتب السماوية الأخرى الصحيحة والمحرفة، وتجيد فن الكلام والمجادلة / المراوغة، فقد تكون كنزًا ثمينًا ومطلوبًا لدى المؤثرين في ساحة الضلال والنضال والنفاق، فالعرض والطلب قائمان على ما تمتلكه من أساليب جذابة في الكذب والخداع. فبعضهم لديه الملكة في تزيف الحقائق وتزيين الباطل وقلب الموازين والقيم، والبعض الآخر من أصحاب العقول والأفكار التنويرية الشاذة ودغدغة المشاعر وإحداث الشك والبلبلة في الأساسيات. أما إذا أردت المتشدقين في أمور السياسة الدينية كقضية الأمة المركزية (بلد الأقصى) والصراع العربي (العربي/العالمي)، فهناك من المتمشيخين العظام، ومن خريجي النخب في المعاهد الدينية، وما عليك إلا أن تُنقي وتختار حسب المقاس، وكل له ثمنه!
للأسف، فُتحت الدنيا على مصراعيها، والشطارة أو الفهلوة أن تلهو كيفما تشاء، والعالم كله أصبح أسيرًا للشهوة (أيًّا كان نوعها)، والتحرر من كل القيود الاجتماعية والأخلاقية والدينية (لكل المذاهب)، فقل عدد من يذهب لدور العبادات (الكنائس والمعابد والمساجد أيام الأحد والجمعة)، وزاد عدد الملحدين والملحدات، والضائعين والضائعات، وكثر الخبث، وأصبحت فتاوى (المتمشيخون) هي النبراس الأوحد وطريق النجاة لأصحاب النفوس الضعيفة.
والله المستعان!
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=42108