مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د. عماد وليد شبلاق ـ رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي وعضو الهيئة الإدارية بمجلة عرب أستراليا
هناك أمور في الحياة من الصعب أن تفهمها وتدرك مغزاها وربما بدأت مع الإنسان ومنذ أن خُلق وكأنها جزء من حياته، فالحسد والغيرة والكراهية والحقد صفات (بغيضة) لازمت الإنسان منذ أن عاش في الأرض وتعايش مع الآخرين ويبدو أنها لن تفارقه حتى يفارق هو نفسه هذه الحياة ومن ثم سيحاسب عليها جملة وتفصيلًا (بالصوت والصورة) بعد أن سُجلت عليه كل الأدلة والإثباتات من اللسان للصدر والأيدي والأرجل وجميع الجوارح.
موضوع حسد الإنسان لأخيه الإنسان (شقيقه أو غير ذلك) قديم قدم التاريخ ولنا في القصص والروايات القديمة والحديثة العديد من العبر والدروس والشر هو الشر ومنذ أن خُلق الخير كان لابد أن يكون هناك نقيضه وهنا يكمن الابتلاء أو الامتحان في هذه الدنيا السريعة المتهالكة، فمن ضمن طبائع البشر (قديمًا وحديثًا) حب الشهرة والظهور وقد تختلف من إنسان لآخر ومن زمان لآخر فوسائل التواصل الاجتماعي اليوم مختلفة تمامًا عن الأمس وربما عن الغد في كثير من التفاصيل والأحداث.
حديثنا اليوم عن متلازمة تسمى نبتة (الخشخاش الطويل) أو ما تسمى بالإنجليزية Tall Poppy Syndrome (TPS) والتي لها علاقة مباشرة بموضوعنا أعلاه إذا تم تعريف هذه الظاهرة (وبحسب ويكيبيديا العالمية):
Tall Poppy Syndrome is a term that originated in Australia and New Zealand in the 1980s that refers to people with notable public success who excessively promote their own achievements and opinions. Intense scrutiny and criticism of such a person is termed as “Cutting down the tall poppy“.
وترجمتها الحرفية: بأنها مصطلح استخدم في كل من أستراليا ونيوزيلندا في الثمانينيات الميلادية وتعود إلى الأشخاص المرموقين والمتميزين إعلاميًا في المجتمع نتيجة إنجازاتهم ونجاحاتهم الأمر الذي يجعل البعض الآخر يبغضهم أو يحسدهم على صعودهم إلى الأعلى ولا يريد لهم الخير!
على العموم هي ليست ظاهرة مرضية (من المرض) ولكن لها علاقة بأوجاع النفس البشرية (الأمارة بالسوء والشر) والتي لا تتمنى الخير والراحة للآخرين نتيجة نجاحاتهم وتفوقهم في جميع مناحي الحياة سواء كان الحسد والغيرة في المال أو الأولاد أو الصحة أو التعليم والوظائف. وفي تعريف آخر لهذه الظاهرة:
TPS is the phenomenon of being resented, discredited, or criticized because of success you achieve. People’s envy, insecurity, and jealousy cause them to be unhappy when other people succeed and drive them to tear down, undermine, or exclude the high achievers.
والمقصود هنا مرة أخرى أن الإنسان الناجح والبارز يكون دائمًا مكروهًا ومحسودًا من الناس الآخرين الأقل عطاء في المجتمع وهذه طبيعة البشر في كل المجالات سواء العلمية أو الوظيفية أو حتى المالية فكل يحب نفسه ولا يحب الخير لغيره!
ومؤكد أن هناك الكثير من الناس في وقتنا الحاضر يتابعون منصات مثل LinkedIn وغيرها وبشكل يومي لمعرفة إنجازات ونجاحات زملائهم وأصحابهم وربما أقربائهم والتي من شأنها أن تصيب هؤلاء الحاسدين والحاقدين ببعض من الأزمات النفسية وربما القلبية وتمنوا أن لا يكون أحد أفضل منهم وأن تبقى هذه النبتة منخفضة دائمًا بمستوى الأرض وأن لا تعلو مجددًا.
كل إنسان خلق في هذه الدنيا، ومن أي الأعراق والديانات كان، ولد ورزقه معه والرزق ليس المال فقط إنما هي الصحة والأولاد والتعليم والثمرات وغيرها وصاحب الكون عادل وحكيم مع خلقه فلا داعي للمنافسة والحقد والحسد والكراهية.
وقد تكون هي ضريبة الشهرة والتفوق والإنسان بطبعه يسعى دائمًا للتميز والنجاح وقد لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ولكن هي مشيئة الله في خلقه والله المستعان.
رابط النشر-https://arabsaustralia.com/?p=43172