spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 54

آخر المقالات

هيفاء العرب ـ مواكب الجمال…

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم المهندسة هيفاء العرب ـ...

عباس مراد ـ “لحظةً سوداء في تاريخ أستراليا”

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الكاتب عباس علي مراد هاجم...

الدكتور طلال أبوغزاله ـ غزة تواجه المجاعة والخذلان

مجلة عرب أسترالياـ  بقلم الدكتور طلال أبوغزاله الخطاب الغربي...

غدير بنت سلمان ـ صرخة الجائع… وأفول الإنسانية في زمن “النظام”

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتبة غدير بنت سلمان  منذ...

هاني الترك OAMـ فرقة الأنغام العربية الساحرة

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM حضرت الأسبوع...

أ.د.عماد شبلاق ـ القادمون الجُدد (المهاجرون) إلى أستراليا ! الجزء 1-2

spot_img

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق – رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي وعضو الهيئة الإدارية بمجلة عرب أستراليا  

أن تهاجر من بلدك الأم إلى مكان آخر هو بمثابة انتقال للروح والنفس والجسد من المكان المألوف (الذي تعرفه) إلى المجهول (والذي لا تعرفه)، فالعرب المهاجرون الذين يأتون إلى أستراليا مثلًا، طوعًا أو قسرًا (مرغمين)، يتفاوتون في التأقلم على المكان الجديد مع العلم بأن هناك فارقًا رهيبًا في الزمان بين فترة الستينيات والسبعينيات الميلادية وبين الآن، سواء في وسائل المواصلات أو الاتصالات أو حتى في مستوى المعيشة وأنماط الحياة.

كنت قد قابلت في الأشهر القليلة الماضية عددًا لا بأس به من هؤلاء القادمون، سواء من غزة وفلسطين أو سوريا والعراق أو من المغرب العربي، ولسان حالهم بأنهم كالسمكة التي خرجت من الماء لتواجه مصيرًا غير محتوم أو معروف، مع العلم بأن الكثير من المساعدات قد انهالت على معظمهم في بداية الأمر، إلا أن الأمور بدأت في العودة إلى طبيعتها مع مرور الأيام وانشغال البعض عن البعض للبحث عن لقمة العيش والعمل الشريف، فمساعدة الدولة محدودة ولا تكفي لمتطلبات الحياة باهظة التكاليف، وحقيقة الأمر لم يأتِ الكل من هؤلاء بتأشيرة skilled visa migrants، فهناك من تجاوز الخمسين أو الستين، والبعض الآخر لا يمتلك (هي أو هو) الكثير من اللغة الإنجليزية بالرغم من حبهم للاستعمار ولغة الاستعمار، وبدأت مواجهة الحقيقة الناصعة، ألا وهي: كيف نعيش؟

من هنا تبدأ قصص المعاناة، وكما حضر المهاجرون الأوائل في القرن الماضي حيث عملوا في المصانع والمشاغل والأعمال الشاقة وربما اليدوية بعض الشيء، وكان لصاحب العمل الأسترالي اليد الطولى في مد يد العون لتشغيل هذه النوعية من القادمين الجدد (بدون لغة أو سابق خبرة محلية)!

مشكلة البلد هنا، وأصحاب الأعمال تحديدًا، أنهم لا يثقون كثيرًا بالمهاجرين الجدد، وقد تعددت أشكالهم وألوانهم، ولا يعرفون تمامًا أين تقع هي: البحرين من الكويت أو السودان من ليبيا، ولولا مشاكل الشرق الأوسط الحالية (الحروب) مع الكيان المحتل لما تعرف الكثير من الأستراليين على جغرافية الشرق الأوسط وكم هو عدد دوله.

بعض من النصائح نسوقها لهؤلاء، لعلها تفيدهم في بداية مشوارهم:

1- ابحث عن أقرب مكتبة عامة لديك في الحي، فالمكتبات في أستراليا (ولاية نيو ساوث ويلز مثلًا) جميلة ومريحة ومفيدة، وأنا شخصيًا وبعد 30 سنة هجرة أزور المكتبة بشكل دائم، ولك أن تتخيل عدد روادها يوميًا وخصوصًا بعد الساعة الثالثة عصرًا، فهناك ممكن أن تتعلم اللغة الإنجليزية وتختلط بالآخرين وتواكب نفسك مع المجريات اليومية (حاسوبيات وإنترنت، جرائد ومجلات، التعرف على جميع الأنظمة والقوانين في البلد: أنظمة الضمان الاجتماعي – المساعدات الحكومية – شؤون الأسرة والعائلة – الحقوق والواجبات – الترجمة – مجموعات الصداقات والتعرف على بعضهم (هناك أكثر من 150 عرقية وجنسية حضروا قبلك ولهم نفس التجارب) البعض، والأهم من هذا كله في أمور المكتبة هذه إشغال وقتك (الممل والضائع في بداية المشوار)، إذا لم تجد وظيفة تشغلك وتأخذ من وقتك اليومي ستعاني من هذا الأمر كثيرًا).

2- التعرف على أنظمة المواصلات الحكومية (قطارات وباصات النقل العام)، فمن المهم جدًا أن تعرف كيف تتنقل من مكان إقامتك إلى مكان وجهتك مثل المكتبة والسوبرماركت، مكاتب الضمان الاجتماعي (سنتر لينك) والمستوصفات الطبية والنوادي الاجتماعية ودور العبادة وغيرها! وربما أكبر عقبة في الوقت الحاضر (ولكبار السن مثلًا – من تجاوز الخمسين من عمره) هي التطبيقات الإلكترونية سواء عن طريق الحاسوب (الكمبيوتر) أو الهاتف المحمول، فقديمًا كان الاعتماد على التحرك هذا عن طريق المفكرات والمطويات الورقية، أما اليوم فلابد أن تكون خبيرًا بتعلم التطبيقات الرقمية هذه من خلال صديقك الملازم لك (الجوال / المحمول)، وبدونه قد تجد الكثير من المعاناة والصعوبات يوميًا، وللأسف هكذا أصبحت الحياة!

3- “اسأل.. اسأل.. ثم اسأل، ولا تُجرِّب بنفسك!”، فهكذا علمونا في هذا البلد، فإذا رأيت ثعبانًا في منزلك (في الحديقة الخلفية مثلًا) فلا تقتله، إنما اتصل بالجهات المسؤولة لمعالجة الأمر (وربما من الأجدى ألا تحذف إجابتين أو تتصل بصديق على طريقة جورج قرداحي!).

4- حاول أن تعتمد على نفسك كثيرًا، وأن تحصل على المعلومة الصح من مصادرها الرسمية، وهناك خدمات الترجمة والمساعدة لغير الناطقين بالإنجليزية، ولا تجالس كثيرًا من أبناء جلدتك من – الفهلوية – الناصحين، وعادة ما يكون ضررهم أكثر من منفعتهم (على الأغلب) والله أعلم.

5- بعد مرور 3-6 شهور تكون تقريبًا قد تعرفت على كثير من أمور البلد، وبدأت معالم حياتك الجديدة في الظهور، وليس من العيب أو الخجل أن كنت تقوم بأعمال لا تليق بك في تلك الفترة لكسب قوت يومك ومعيشتك (سائق تاكسي / شاحنة – منظف في محطات القطارات – أنظمة السيكيوريتي أو بائع في البقالات – ملازمة المعاقين وأصحاب الاحتياجات الخاصة والعناية بحركتهم أو حركة كلابهم أو غيرها من الأعمال)، وقد تكون مهندسًا أو محاسبًا مرموقًا في بلدك وقبل المجيء لأستراليا، ولكن هي البدايات والتعرف على أنواع البشر، فهناك العجائب في هذه القارة وسوف تكتشفها بنفسك ومن خلال الاحتكاك بهم.

6- عند البحث والتدوير عن العمل والذي ترغب أن تستقر أمورك عنده، فيمكن الاستفادة من الاستراتيجيات الآتية:

افهم عقلية “الأسترالي” صاحب العمل أو المصلحة، ثم افهم عقلية “المكان”، وقد تختلف مدينة سيدني عن مدينة ملبورن مثلًا أو عن الجولد كوست وهكذا، ثم أخيرًا افهم “سوق العمل – العرض والطلب أو ما يسمى Gap” أو الفجوة!

لا تقدم السيرة الذاتية CV التي كتبتها أنت وزوجك / زوجتك إلى صاحب العمل مباشرة كما كنت تصيغها في بلدك الأم، إذ أن هناك مختصين في هذا الأمر، والقضية لا تغدو كونها مؤهلات علمية مرموقة، ولكن هناك فلسفة خاصة للعمل في أستراليا، وقد لا تخطر على بالك، فاستشيروا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون.

العقلية الأسترالية (ولله في خلقه شؤون) في سوق العمل لا تعتمد كثيرًا على حب العلم والمؤهلات الدراسية والشهادات العليا والتميز والظهور (كما هو الحال عند بعض الأمم الأخرى: عرب / هنود / صينيون)، وقد تجد مدراء شركات (نساء ورجال) ليس لديهم إلا القليل من المؤهلات الدراسية (دبلوم سنة أو اثنين بعد شهادة الثانوية العامة)، ولكن مع الخبرة العملية والعلاقات الشخصية وصل إلى ما وصل إليه من مناصب عليا وأشغال حرة، لذلك لابد من دراسة هذه العقلية وتحليلها جيدًا.

قد لا تلوم صاحب العمل هذا، فهو يتعامل مع المئات من المتقدمين للوظائف أو الأعمال (وربما بشكل يومي أو أسبوعي) ليختار أحدهم، فكم هي صعبة، وقد تم تصميم أنظمة فرز ذكية لاختيار المعايير (المعلنة)، أما الواسطة والمعارف (غير المعلنة) فهي السائدة! وكذلك الأهواء الشخصية، فقد تم التعامل معها بذكاء أيضًا، فقد يستبعد هذا الأخير بعض الأسماء التي لا تروق له مثل: محمد أو عبد الرحمن أو جهاد ونضال أو سيف الحق، وربما يكون من ذوي الاحتياجات (العنصرية) الخاصة بالرغم من تجريم عناصر الأخيرة هذه بالقانون ومنها Discrimination Act: مثل العرق – الجنس – العمر – الإعاقة، وما خفي كان أعظم!

عند الذهاب إلى المقابلة الشخصية (إن تم اختيارك للوظيفة أو العمل وكنت من المحظوظين)، وهذا بحد ذاته إنجاز لاختراق الحواجز والموانع، فلابد من التهيئة والتحضير لهذا الأمر جيدًا واستشارة الخبراء السابقين، إذ موضوع المقابلات الشخصية هذا له من الفنون والاستراتيجيات الشيء الكثير The art of interviews، ومن الأجدى والأفضل التعلم من الآخرين، فقد يحاورك شخص / فرد واحد أو لجنة مكونة من 3-4 أفراد لهم علاقة بالموضوع (متخصص فني في الموضوع / أخصائي موارد بشرية / علاقات سيكولوجية أو نفسية أو غيرها، وربما أحدهم من فرع المخابرات العامة!)، وقد مررت بالعديد من هذه التجارب، وأسهلها أن لا تُسأل في طبيعة الوظيفة نفسها، وقد تتحاور عن الفريق المفضل لديك في كرة القدم!

أما لو حصل القبول والتوظيف في المؤسسة أو المنظمة، فالأمر لم ينتهِ بعد، والباقي ربما أشد وأعظم تحديًا، وهو التعامل مع زملائك من العاملين أو الموظفين، إذ أن هناك طيفًا من الخليط البشري المتنوع والمتموج (موظف أناني / جلف أو غليظ الطباع / ديني / لا ديني / جنس ثالث / عنصري / متسلط / غير متعاون / مغرور ومتكبر / متحرش / متحرشة / له أو لها رائحة غير محببة / معاقين وذوي احتياجات خاصة / كبار في السن والكثير والكثير من طبائع البشر المختلفة (أبيض وأسود ورمادي في نفس الوقت!)، لذا عليك قراءة التعليمات للتعامل مع الآخرين في بيئة العمل، إذ يترتب عليها بقاؤك من عدمه. فأهلًا بك في أستراليا والله المستعان.

Edshublaq5@gmail.com

رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=42128

ذات صلة

spot_img