مجلة عرب أسترالياـ بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق- رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي وعضو الهيئة الإدارية بمجلة عرب أستراليا
قد لا تستغرب كثيرًا من زيادة نسبة الكآبة وربما الحزن أو التعاسة بين أوساط المهاجرين من الأصول العربية (والمحسودين أصلًا من أهاليهم وأقربائهم وأصدقائهم – قبل وبعد المجيء لأستراليا أو ربما في كل من أمريكا وكندا وغيرهما من دول المهجر)، وصحيح أن القارة السعيدة والجميلة (المعزولة) في نفس الوقت توفر جميع وسائل العيش الكريم (بدون حروب أو أزمات الشرق الأوسط التعيس والبائس في الوقت الحاضر)، إلا أن المتاعب والأزمات بدأت تظهر كثيرًا في الجالية العربية وربما بعض الجاليات الأخرى في أستراليا.
فمشكلة الأبناء (أولاد وبنات) بدأت تتفاقم في موضوع تحديد الهوية، حيث يعاني منها الجميع سواء الآباء والأمهات أو الأولاد أنفسهم، ففي المدرسة أو العمل أو كلاهما تجدهما من الهوية الوطنية أو الأسترالية، وإذا ما دخلا المنزل انقلبت الهوية (كلامًا وتصرفًا) إلى العربية وربما (الصينية أو الهندية حسب نوع المهاجر كذلك)، وما يهمنا في هذا النقاش هو الجالية العربية، وكما هو في السياق أعلاه ومحور رسالتنا اليوم في هذا المقال!
أبناء المهجرين… للأسف لم يفقدوا اللغة العربية الأم (ليس الكل طبعًا ولكن الأغلبية!) فحسب، ولكن فقدوا معها الكثير من أدبيات الخُلق وحُسن التعامل والاحترام، وقد تعلموا (وحشية) التعامل مع الآخرين؛ فالكذب، والخداع، والغش، والغيبة، والنميمة، والتعدي على الآخرين، وسوء المعاملة، والتعامل بالكاش (النقد)، والتلاعب بالضرائب، والنصب على الآخرين، و(السنتر لنك)، وقطيعة الأرحام، وتداعي المرض والإصابة أمام السلطات والجهات المسؤولة للكسب غير المشروع، وضرب الزوجات والأولاد، كلها أمثلة تبناها الكثير من أولاد المهاجرين بحجة (إن لم تكن ذئبًا… أكلتك الذئاب!)
وأما موضوع الاحترام، فلا الابن يحترم أمه، ولا البنت ترعى أباها، والأولاد متخاصمون ومتباعدون، وكل في فلك يسبحون. إضافة إلى تحقير الواجبات والأصول، فلا أحد يساعد أحدًا في الشدة أو المحن (المالية والنفسية)، وكل من هو في حال بعيد عن الآخر، فقد يمرض العم أو الخال ويموت دون أن يسأل عليه أحد أو يزوره، ولا أحد يريد أن يزور أحدًا في بيته خوفًا من التكلفة أو الضيافة، وأصبح الإنسان متكالبًا على الدنيا حريصًا على تحصيل المال (المادية والأنانية أولًا!) وبأي طريقة كانت.
وللأسف… تجد الكثير من غير هؤلاء فيهم الصدق… ثم الصدق، والأمانة في تعاملاتهم، وحُسن جوارهم مع الآخرين، بالرغم من اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.
وحقيقة الأمر أن المجتمع الأسترالي أصبح يعاني، أو ربما يشتكي (وبصمت)، من تزايد الهجرات إليه من نوعيات لا تتجانس مع تفكيره ولا حتى في أخلاقياته.
للأسف… هناك من أبناء الجالية العربية من لم يستفد من الفرص المقدمة لهم من الحكومة أو الدولة، وتجدهم دائمًا يبحثون عن أبسط الطرق للغش والاحتيال والكسب السريع، وغالبًا ما يُقدِمون على تقديم تلك النصائح (الثمينة) للقادمين الجدد من بعدهم، مع العلم بأن عيون الدولة تراقبهم ليل نهار في حركاتهم وسكناتهم، ولكن (قومي لا يعلمون!) تتركهم لبعض الوقت لعلهم يتراجعون.
المسؤولية كبيرة، والتفاحة التالفة تفسد باقي التفاح في الصندوق – وكما يقال في الأمثال! ويبدو أن قاموس الأخلاق (عيب، وغلط، وحرام، واحترام الآخرين، ومراعاة شعورهم، والتمسك بالمبادئ والقيم، وغيرها من الأخلاق النبيلة) قد بدأ بالاندثار لتصبح الحياة غابة كبيرة ومسرحًا للتوحش يأكل بعضه بعضًا، متناسين بأن هناك من يراقب ويحاسب، سواء في عالمنا الحاضر أو لاحقًا في العالم الآخر، فانتبهوا لأنفسكم يا أولي الألباب (العقول) فقد تخسروا الدنيا والآخرة وتصبحوا على ما فعلتم نادمين، والله المستعان.
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=41828