مجلة عرب أستراليا سيدني- الموت الذي تخافونه وتفرون منه…لا يعني الهلاك أو الفناء!
بقلم أ. د. عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية في أستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي
هناك عديدٌ من الناس في الدنيا يتمنوا دخول الجنة (التي وعد الرّحمن بها عباده)؛ ولكن بعضهم -إن لم يكن الكل-لا يتمنوا الموت ولا الحديث عنه؛ لأسبابٍ عديدةٍ جُبل عليها بني البشر. فالشيء المخفي أو المجهول عنهم قد يسبب نوع من الخوف، والقلق، والتوتر في كلّ الأحيان (لمن لديه قلب سليم)؛ فالحدث قادم، ومؤكد، ولن يستثني أحداً لا صغير، ولا وزير، فالكل سواسية. وكما قيل في أحاديث الرواة وغير الرواة: ” حب مَنْ تُحِب فإنك مُفارِقه…وعش ما عِشت فإنّك ميت”؛ فالموت حقٌّ على عباد الله المخلصين، وغير المخلصين من كل الملل والنحل؛ يهودية، ونصرانية، وإسلام، وغيرهم من الملحدين، والمشركين، والكفار. فالموت ليس عقاباً أو هلاكاً، ودمارا إنّما هو نهاية مرحلة (الدّنيا)، وبداية مرحلة أخرى ( الآخرة)؛ وكون الإنسان يكره الموت فهذا يعني عدم رغبته في مقابلة خالقه (للموحدين) ربُّ الأرباب، وملك الملوك سبحانه الذي هو أرأف بِعباده من الأم الحنون على ولدها؛فهو الذي خلقهم، وعدلهم (عن بقيه الكائنات، والمخلوقات من حيوانات وغيرها) واستخلفهم في الأرض؛ بل وتباهى بهم عند ملائكته!
رحلة الموت هذه ما هي إلا تذوقاً لحظياً -لا يرى بالعين المجردة- لانتقاله من حالة خلق مؤقتة إلى حالة خلق أخرى دائمة ينهي بها الرب/اللورد لما يعرف بالحياة الدنيا، الذين يخافون من الموت- الحالة الانتقالية- لا يدركون تماماً بأننا نموت يومياً في نومنا، وسبحان الخالق وكأنها مقدمة للموت الأكبر التي تخرج فيه الروحمن دون رجعة إلى الجسد كما في حالة النوم، ولوكان الرَّب أو الآلة – وهو حرٌ في ملكوته- يرغب في إنهاء المرحلة لِفعلٍ، ولكن بالتأكيد فإنّ الحياة الآخرة هي الأهم، وستقرر مصير العبد أو المخلوق فيها بعد حسابه، وتقييم أعماله الدنيوية وأخيراً يكون الخلود (جنة أو نار) وهو القرار النهائي بعد رحلة العمل في الدّنيا.
رحلة الخلق هذه عجيبة، وغريبة؛ فالله سبحانه وتعالى غني عن عباده الذين خلقهم من العدم كما جاء في الكتب السماوية. لا ندري تماماً نحن بني البشر كيف ستكون خاتمتنا حتى ولو كان هناك معلومات ذُكرت في تلك الكتب؛ فالمشهد سيكون رهيباً مؤكداً، ولا نعرف تماماً كيفية التصرف بعقلية البشر الدُّنيوية، فهل نحن سنكون كما نحنُ أم خلقاً آخراً لا نعلم كيفيته، ولا تفاصيله؟ .عندما يأمر الخالق بِمَوت خلقه جميعهم؛ فيعني هذا أنه قد أمهل عباده، ومخلوقاته بما في الكفاية ليبدأ مرحلة الحساب لمدة الأعمال الدنيوية، والمتاحة لكل بني البشر.
<الموت>سميه بِاسمٍ آخر لا تخاف من (اللقاء)– هو موعد الفرح الأكبر أو اللّقاء العظيم مع ملك لا يشبه ملوك الدنيا، ولا عظيم من عظمائها؛ بل هو المتعة الحقيقية لنور لا يمكن أن يتخيله البشر، ولا يخطر على بال أحد منهم – لقاء الحبيب لحبيبه- فعقولنا محدودة، وتفكيرنا قاصر، وكل أمورنا بيد خالقنا، ولا نقول ختاماً إلا أنْ يحببنا الله في لقائه،وفي جنات النعيم، والفردوس الأعلى.
…والله المستعان…
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=23782