مجلة عرب أستراليا سيدني
التجسس على المهاجرين في أستراليا: حقيقة أم وهم؟
بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
كنت في إحدى المرات وفي مدينة سدني تحديدا أتناقش مع بعض الأصدقاء حول موضوع ديني سياسي (وما أكثرها عند المهاجرين) ولفت نظري أحد الحضور بأن أخفض صوتي لكيلا يسمعه الآخرون ممن لا علاقة لهم بالموضوع إذ نبهني بأن هناك من أبناء جلدتنا ممن يعملون لحساب الجهات المسؤولة في الدولة وينبغي الحذر!
موضوع التجسس هذا أو المراقبة أو التنصت/التنصت، سميه ما شئت، لهو موجود في كل الدول والأنظمة وحتى الشركات والمؤسسات ودور العبادة وربما العائلات ومنذ قديم الزمان وله الأساليب الخاصة بكل حاله بدأ من التنصت على محادثات وأفعال وتصرفات المعارضين السياسيين أو الحزبين وحتى أبسط أفراد الشعب وربما أنتقل ذلك للأزواج والزوجات في البيت الواحد!
قبل ظهور الهاتف الجوال بسنوات كانت وما زلت كاميرات التصوير (الكبيرة الواضحة والمعلقة أو متناهية الدقة والمخفية) هي الأكثر شيوعا في مراقبة تحركات الناس وتصرفاتهم سواء في الأماكن العامة أو في غرف النوم في المنازل والفنادق أما في الوقت الحاضر فقد تطور العلم والتقنيات الحديثة بحيث يمكن للوسائل الأخرى أن تلتقط (صوت وصورة) أو تراقب كل شيء يخص الإنسان أو الفرد سواء كان رجلا أو أمراه وفي أي مكان وزمان وبتفاصيل دقيقة لا تخطر على بال أحد.
في أستراليا وحدها هناك أكثر من 120 لغة غير الإنجليزية وهؤلاء المهاجرين الذين أصبحوا مواطنين لاحقاً لم يهبطوا من القمر أو كوكب المريخ إنما حضروا من دول أصلا تعاني من الحروب والويلات والانقسامات والخصومات (التاريخية عبر السنين) فيما بينهم، فهناك الأيرلنديين والإنجليز وهناك الهنود والباكستانيون وهناك العراقيون والايرانيون وهناك الفلسطينيون والإسرائيليون وهناك البوسنيون والصرب والكروات وهناك التاميل والسنهال وأما بالنسبة للتنوع في الديانات فهناك العديد والعديد من دور العبادة (فوق الأرض وتحت الأرض) ولك أن تتخيل موقف الجهات المسؤولة من هذا الاختلاف الحضاري الهجين.
من هنا يمكن القول بأن هناك توجساً وتخوفاً دائماً ومن ثم مراقبة أيضاً دائمة من قبل الدولة للمحافظة على أمنها وسلامتها من ناحية:
- المنظومة العسكرية (التهديدات من الدول المحيطة)
- المنظومة السياسية (الاختلافات بين الأحزاب داخليا والتحالفات خارجياً)
- المنظومة المالية (التكسب غير المشروع – التهرب من الضريبة– الثراء الفاحش)
- المنظومة الأخلاقية (تجاره المخدرات – جنس ودعارة (نساء وأولاد قصر)
- المنظومة الأمنية الداخلية (عصابات ومافيات الأقليات وجرائم العائلات والعنصرية بين الجاليات)
- المنظومة الأمنية الخارجية (العمل لصالح دول أخرى)
- المنظومة الدينية (التطرف والإرهاب)
- وأخيراً المنظومة المعلوماتية (تجسس على الخصوصيات/ سرقه أموال/ هتك أعراض/ تزيف حقائق/ تزوير وقائع/ تخريب ممتلكات/ تدمير أسر وعائلات/ تشويه سمعة وكل ما له علاقة بوسائل التواصل الاجتماعي.
خبر اليوم والذي نشر في صحيفة التلغراف (العدد 7754 ليوم الأربعاء الموافق 23 أغسطس 2023) ومفاده (كاميرات مراقبة أعلى حمام عمومي بأحد شواطئ أستراليا تثير غضب السيدات)! وعند قرائة المزيد إتضح بأن المكان هو في جنوب مدينة سدني في منطقة Cronulla، s Oak Park وكان غضب السيدات لأنهن علمن بأن تلك الكاميرا قريبة من غرفة تبديل الملابس وحمامات الاستحمام.
للأسف لم يعد هناك أي سقف واضح للحريات لا في الكلام ولا في المنام وكل ما تتشدق به الدول لهو ضرب من العبث الاستهلاكي الممجوج لسحب أرجل وألسنة الناس ومن داخل بيوتها وبالدليل المثبت (صوت وصوره وبدقة متناهيه) وقد سنت بعض الدول مؤخرا قوانيين للجرائم الإلكترونية لإخماد ما تبقى من حريّه التعبير وإبداء الرأي وعندها لن ينفعك صديقك الحميم (تلفونك المحمول) والذي حتما سيشهد ضدك، والله المستعان.
رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=30712