مجلة عرب أستراليا سيدني- أَصبَحتُ أغَارُ مِنَ الكِلابْ! وأدعو إلى إنشاءِ جمعيةٍ ل (الرِّفق بالإنسان). بقلم: أ.د. عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيميَّة في أستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
في عام 2017م، كنتُ في زيارةٍ لمدّةٍ قصيرة إلى القاهرة، ومرَّرتُ بِحَيّ” الحُسيِن “، فرأيتُ كلباً ضالاً هزيل البنية أنهكه الجوع، والتّعب يمشي خائفاً بجانب أحد الأسوار- كما يقال: “الحيط – الحيط ” -متوجساً لِضَربه من فردة حذاء قديم أو طُوبةٌ من طُوبِ الأرض، وهي عادةٌ يستمتع بها صغار الحي الشّعبي من المشاكسين.
أمّا في منطقة الخليج العربي، لم تكن الكلاب الضّالة مصدر إزعاج للسُّكان إطلاقاً، فقد أسهمت الشّركات الكورية، والعاملة قي مجال الإنشاءات الهندسية في زمن سبعينات القرن الماضي الميلادي بِعمل الواجب، وأراحت موظفي الأمانات، والبلديات من مُهمةِ التّخلص من الكلاب التي كانت تعدُّ بِنظرهم (عدائية، ومؤذية) لدرجة أنّ بعضهم قد استحسنها في غِذائه اليومي أو الأسبوعي من دون عِلم السُّلطات المَسؤولة.
أمَّا كلاب الغرب ولاسيما المنزلية منها، فالأمر مختلف تماماً، من حيث المبدأ، والإنسانية -إن صح التّعبير- يعدُّ الكلبُ (هي- أور- شي) من أفراد الأسرة، ولا يقلُ أهميةً عن الولد أو البنت إنْ لم يكن المفضل- رقم واحد- فالأولاد تكبر، وتخرج من المنزل بعد سنٍ مُعَين أما الكلب فهو الصّديق الوفي لصاحبه (هي-أور-شي)، والباقي في المنزل حتّى المَمات.
الكلاب في عصرنا تحظى برعايةٍ، واهتمام بالغ من قِبل أرباب الأُسر، وقد لا يلقاه كثيرٌ مِن بني البشر، فالأكل معلبٌ، ومحفوظٌ، ووسائل الرّاحة، والاستحمام على قَدمٍ، وساق والتّجول في الحدائق من المسلَّمات الحياتية اليومية، والضَّرورية أضف إلى ذلك وسائل النّقل المريحة من سياراتٍ، وصناديق يدويةٍ محمولةٍ مبطنةٍ بطبقةٍ من المُخمَل من الدّاخل، وذاتية التّهوية.
بِالرَّغم من توفر الكلاب(الجميلة)، وبكلّ أنواعها في المجتمعات الغربية المُتحضرة إلّا أنّ تكلفة تربيتها، واستضافتها ليس بالأمر الهّين (وقد تعادل الواحدة منها ثمن دراجة نارية من طراز هارلي ديفيد سون أو تويوتا كامري موديل 2015) وقد يصعب اقتنائها، والصّرف عليها إذا ما كان صاحبها يقتات من مصلحة الضّمان الاجتماعي التي تكفي صاحبها بِصعوبة.
كبير السّن، ووحيد أُسرته اليوم في المُجتمع الأسترالي، ومُجتمعاتٍ أخرى، يحتاج إلى كثيرٍ من الرِّعاية، والاهتمام ليس من أجل الطّعام والشّراب فقط،لكن الجلوس معه، والتّحدث لأوقاتٍ طويلةٍ؛ فلقد فقدَ الأحبة، الزّوج/ الزوجة، والولد، والأصدقاء، لم يبقَ له أحدٌ في الدُّنيا أو ربّما تركه أولاده في بيوتٍ أو قُرى العجزة، والمُسِنين فقد يحتاج اليوم إلى ونيسٍ، ومُصاحب يشاركه الأمل والمحبة لتكملة مِشواره حتّى يلقى خالقه.
الوحدة والمعاناة النّفسية لكبار السِّن، أو حتى صغارهم في بعض الأحيان بعد فقدانهم الأهل والأصدقاء، تدعونا اليوم جدياً؛ لإعادة التفكير، والنظر في إيجاد وسائل للتّخفيف عنهم، والتّقرب منهم أكثر في مراحلهم الأخيرة، ولاسيما بعد أنْ عصفت بهم أمراض الشَّيخوخة، والعُزلة، وفقدان الذاكرة، وقد تخلى عنهم الأهل والأولاد حينها قد ندعو إلى إنشاء هيئة أو جمعية (إنسانية) للرِّفق بهم، وتهتم بهم بقدر أكبر على الرَّغم من الجهود المبذولة للحكومات المحلية؛ من توفير وسائل الرَّاحة،والانتقال.
…والله المستعان…
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=21278