مجلة عرب أستراليا سيدني– يكفي أنها.. أمّي
بقلم أنطوان القزي رئيس تحرير جريدة التلغراف
يغزلُ الغمامُ جناحاً لها
مليكة الأمداء
ويسكبُ السفح خوابي عطرها ريقاً للأقاح
وقوسُ قُزحٍ يرفل
سحراً تائهاً في بحر عينيها
وينثر النسيمُ
عبيراً يفترش وجنتيها.
إنها أجنحتي لأحلِّق
فضائي لأبقى.
يكفي أنها ربيعُ الربيع
يكفي أنها ريحانة المواسم
ورحيقُ الأقاح
وأغنية العنادل،
يكفي أنها هي
لأعرف أن في الكون ورودا.ً
طلّقتُ مفارقَ العمر
أفيءُ إلى جدائلها،
هناك سأبقى،
أنزعُ الشموسَ عن جبيني
فهي شمسي وأغنية الصباحات،
هناك العمر بلا أيام
هناك أودعتُ صرّة الحياة وسرّها
هناكَ زرعتُ رغدَ أحلامي وزهوَها،
هناك خبّأتُ أجملَ الثواني
هناك أحببتُ ريحانة تزيّن كلَ الفصول
هناك توقفتْ عقاربي
وانتهى الزمن.
هناك يرود الموجُ أبياتي
ويسدلُ البدر شالاً على مفرقيها،
هناك سراجي وقلمي
هناك جراحُ القلب تسقي قرائحي
هناك تركت الأباريق تروي زمناً لا يعود،
هناك نسجت لها
من رموشي نسيماً ومن دموعي رحيقاً
كي تبقى أرجوانة الغسق.
هناك دفنتُ ذاكرتي كي أعيشَ في ظلّها..
لأجلها نذرتُ قصائدي
وانتهيت.
لأجلها نصبتُ مزاراتِ الحبّ في الدروب
ولأجلها أولمتُ للطيور مساكب الأسحار.
ما همّني إن تاهت حروفي
واحترقت أوراقي،
ما همّني إن داهمتني
أنوار الهزيع
وقربي نجمةٌ أشرقُ من الشموس..
يكفي أنها لا تغيب
يكفي أنها أمّي.
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=23295