مجلة عرب أستراليا سيدني- أستراليا.. لماذا تصنّف “بيلبارا” ضمن أفضل الوجهات السياحية في العالم؟
عمرها 3.6 مليار سنة.. لماذا تعتبر “بيلبارا” الأسترالية الوجهة السياحية الأفضل؟ إذا سافرت يوماً ما إلى غرب أستراليا، وزرت منطقة تدعى “بيلبارا” فسينتابك بلا شك شعور غامر بالرهبة، قد تعتقد أن السبب يكمن في الامتداد الشاسع للصخور الحمراء والمناظر الطبيعية من حولك، والتي قد تعطيك إحساساً بالعزلة، لكن في واقع الأمر قد يكون السبب الحقيقي للرهبة التي ستشعر بها هو أنك ببساطة تقف على أقدم مكان في كوكب الأرض، إذ قدر العلماء أن أرض بيلبارا بدأت في التكون منذ أكثر من 3.6 مليار سنة.
بيلبارا.. أقدم قشرة أرضية في العالم
حدَّدَ العلماء أن صخور بيلبارا الهائلة الغنية بالحديد، والتي تشكَّلَت قبل وجود الأوكسجين والحياة نفسها، هي أفضل مثالٍ محفوظ لأقدم قشرة في العالم.
وفي حين يُعتقد أن رواسب الحديد الأخرى الموجودة في أماكن متفرقة حول العالم قد تشكلت في وقت مماثل، إلا أن صخور بيلبارا لم تدفن في باطن الأرض كما حدث للصخور الأخرى، ولم يتغير شكلها بسبب الأحداث الجيولوجية الكارثية التي عصفت بكوكبنا عبر السنين.
يقول مارتن فان كرانيندونك، أستاذ الجيولوجيا في جامعة نيو ساوث ويلز، الذي أمضى سنوات في رسم خرائط بيلبارا: “الشيء الفريد في المناظر الطبيعية في بيلبارا ليس فقط عمرها، ولكن الطريقة الرائعة التي حفظت بها عبر السنوات كذلك”.
أقدم أشكال الحياة على الأرض
وفقاً لفان كرانيندونك، فإن صخور بيلبارا قديمةٌ جداً، لدرجة أنها لا تحتوي على أحافير داخل هيكلها، ومع ذلك تعتبر هي نفسها دليلاً أحفورياً لأقدم أشكال الحياة على الأرض.
في عام 1980، عُثِرَ على أحافير ستروماتوليت (صخور رسوبية تحتوي على أنواع من الميكروبات) عمرها 3.45 مليار عام، بالقرب من ماربل بار في بيلبارا.
وظهرت مجتمعات البكتيريا الزرقاء الميكروبية لأول مرة في وقتٍ لم تكن فيه الظروف على الأرض مواتية لدعم أي شكل آخر من أشكال الحياة، حيث قامت ببناء هياكل شبيهة بالشعاب البصلية أثناء إطلاقها الأوكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي.
وما لا يُصدَّق حقاً أنه في جنوب بيلبارا في هاملين بول بالقرب من خليج القرش لا يزال نظام الستروماتوليت الحي مزدهراً، ويعتبر واحداً من مكانين فقط على الأرض، حيث توجد الستروماتوليت البحرية الحية.
مفاجأة تحت الأرض
على الرغم من أن منتزه كاريجيني الوطني في بيلبارا يبدو وكأنه صحراء شبه قاحلة، فإنه يعتبر واحداً من أجمل المنتزهات الوطنية في العالم. بسبب مليارات السنين من التعرية البطيئة تشكلت في المنتزه حفر ووديان وصدوع قديمة، حيث توجد الشلالات المثيرة وأحواض المياه الصافية بين الصخور المخططة.
بالنسبة للزوار، هذه جنة من الصخور الرائعة التي تغذيها الينابيع الجوفية والنباتات المورقة والحياة البرية الوفيرة. وبالنسبة للعلماء توفر الأخاديد في كاريجيني مشهداً لا مثيل له، حيث المقاطع العرضية المحفورة بشكلٍ طبيعي من الصخور ذات الطبقات، والتي تكشف الكثير عن الأرض في الوقت الذي تشكَّلت فيه هذه الأرض القديمة.
وشلالات المياه المتدفقة الدائمة وآبار المياه والواحات الموجودة في هذه المنطقة هي الأكثر إثارة، خصوصاً مع وجود مسبح سبا طبيعي داخل الصخر حفر بسبب التدفق المستمر للمياه.
ومكان الإقامة الوحيد في الحديقة الوطنية هو المنتجع البيئي في كاريجيني المملوك للسكَّان الأصليين، الصباح الباكر في المنتجع مميز، الهواء البارد قبل الفجر يثير النشاط، والضوء المنخفض الذي يتخلَّل الغبار المعلَّق الغني بالحديد يشع بالألوان قبل أن تغرب الشمس.
في الليل، عندما تكون السماء صافية بدون قمر، تصبح كاريجيني أرض عجائب السماء المظلمة لمراقبي النجوم والمصورين الفلكيين على حد سواء. يوفر الهواء الجاف وغياب التلوث الضوضائي عرضاً مبهراً للتفاصيل في مجرة درب التبانة.
قالت الشريكة المالكة مارني شيلدز: “كاريجيني هي وجهة أسترالية فريدة”، وأضافت: “بينما يُكشَف عن المنطقة الرائعة لبقية العالم، فإنها لا تزال واحدة من أسرار أستراليا المخفية الأروع”.
ووفقاً لمرشد كاريجيني، بيت ويست، فإن التحوُّل الصارخ في المناخ المحلي وفي الحيوانات والنباتات يصدم معظم الزوار أثناء نزولهم من السطح القاحل إلى الوديان الخضراء المورقة.
يقول: “يتضح بسرعة كبيرة أن هناك بيئة دقيقة مميزة. تختلف النباتات اختلافاً ملحوظاً عن السطح، مثل الميلاليوكاس، وهي أكبر الأشجار في بيلبارا، ثم هناك السرخس الرقيق، وشجرة التين الكبير، إنه تناقضٌ بين داخل الوادي وخارجه”.
مكانة مهمة للمرأة
تُعَدُّ كاريجيني أيضاً مكاناً ذا أهمية ثقافية مهمة للسكَّان الأصليين، مع وجود مواقع معينة في الحديقة معترف بها على أنها أماكن مخصصة للنساء فقط وأخرى مخصصة للرجال فقط.
أوضحت عالمة الأنثروبولوجيا الدكتورة أماندا هاريس، التي عملت عبر بيلبارا: “وفق الاعتقادات الشائعة هناك أماكن يمكن أن تذهب إليها النساء إذا أردن الحمل، وأماكن يزرنها إذا أردن إنجاب توأم”.
ويعتقد العلماء أن شعب بانجيما وأسلافهم قد استخدموا كاريجيني، والتي تعني “مكان التلال” في لغات السكَّان الأصليين المحلية، كموقع اجتماع لمدة 30 إلى 40 ألف سنة.
حافظت القبائل البدوية في بيلبارا على الحياة في بيئة مليئة بالتحديات مع جمع الموارد اليومية الضرورية للبقاء على قيد الحياة. وكانت كاريجيني مكاناً للراحة وأمن الموارد والمأوى والمياه الدائمة.
ويقع جبل بروس، ثاني أعلى قمة في غرب أستراليا، عند مدخل كاريجيني ويحمل أهمية جيولوجية وثقافية للسكان الأصليين.
يُعرف الجبل باسم “بونورونها” لدى السكَّان الأصليين، وهو موقعٌ مقدَّس ومهم للغاية في قانون السكَّان الأصليين. بالنسبة لشعب بانجيما، فإن هذا الموقع مخصص للذكور فقط، حيث ترفض بعض النساء الأكبر سناً حتى وضع أعينهن على القمة أثناء مرورهن. ومع ذلك لا يُمنع الزوار من التصوير أو حتى الصعود إلى القمة.
المصدر: شبابيك
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=22231